رئيس التحرير
عصام كامل

من سيدافع عن العرب في السينما؟


منذ أيام قليلة غادرنا المخرج والناقد السينمائي اللبناني الأصل والأمريكي، الدكتور جاك شاهين، الدكتور جاك شاهين أصدر أربعة كتب جميعها تدافع عن صورة العرب، من بينها كتاب "عرب التليفزيون" الذي صدر في عام 1984، وكتاب "تنميطُ العرب والمسلمين في الثقافة الشعبية الأمريكية" الذي صدر في عامي 1997، و2012، وكتاب "مذنبون: حكمُ هوليود على العرب بعد أحداث الحادي عشر من أيلول" والذي صدر في عام 2008.. لكن يظل كتاب "العرب السيئون" Reel Bad Arabs الذي أصدره في عام 2001 هو الكتاب الأبرز لجاك شاهين.


رصد جاك شاهين في كتابه محاولات السينما الأمريكية تشويه صورة العرب، حيث لم تتجاوز الأفلام التي عرضت العرب بصورة إيجابية نسبة 25% من بين 1000 فيلم سينمائي قام جاك شاهين بتحليلها.. وذكر جاك شاهين في كتابه أن معظم الأفلام الأمريكية عرضت صورة العرب على أنهم إرهابيون، يميلون للعنف، يتسمون بالتفاهة بالسخف، ويحيطون أنفسهم بالنساء ويحبون الأوروبيات.. الفيلم الوثائقي لجاك شاهين الذي يحمل عنوان الكتاب نفسه تضمن مشاهد من الأفلام الأمريكية التي تشوه صورة العرب.

وكان جاك شاهين أول تعرض بالإنتقاد إلى مقدمة فيلم الكارتون، "علاء الدين"، حيث يتضمن مقدمة (تيتر) الفيلم أغنية تصف الرجل العربي بالبدوي الشرير "الآتي من بلاد بعيدة حيث تتجول الجمال، تلك البلاد التي سيقطعون فيها إذنك إن لم يعجبهم وجهك.. هو عمل همجي، لكنه مع ذلك وطننا"، وقال شاهين إنه لا يوجد مخرج سينمائي لديه إحساس يمكن أن يبدأ فيلم كارتوني للأطفال بكلمات هذه الأغنية".. وعرض جاك شاهين لأفلام أمريكية تصور الأطفال العرب كإرهابيين، مثل فيلم "قواعد الصراع" Rules of Engagement والذي يظهر المدنيين العرب، رجالا ونساء، وبينهم طفلة معاقة، وهم يطلقون النار على فرقة من الجيش الأمريكي كانت في مهمة لنجدة مجموعة من الجنود الأمريكيين في اليمن.

كما انتقد السينما الأمريكية لتصويرها الفلسطينيين على أنهم يقتلون الجنود الإسرائيليين بدون سبب، وأشار إلى الخطاب السياسي الأمريكي والذي يصور الإسرائيليين وكأنهم ضحايا يدفعون حياتهم ثمنا لقطعة صغيرة من الأرض.

لم يكن وثائقي جاك شاهين عاديًا لأنه أحدث خرقًا كبيرًا في المهمة التي تقوم بها السينما الأمريكية لتشويه صورة العرب.. فبعدما عرض جاك شاهين في فيلمه الوثائقي للنماذج المتعددة لتشويه صورة العرب، قدم بعدها لنماذج الحياة اليومية العربية، حيث يحث الناس الموسيقى والفن، حيث تعمل المرأة العربية وتكافح، وللرجل العربي الذي يرعى أسرته.

ولم يكن جاك شاهين الباحث والناقد الوحيد الذي غادر الحياة وهو يدافع عن صورة العرب، فمنذ أكثر من عشرة أعوام، وتحديدًا عام 2005 غادرنا المخرج الأمريكي، السوري الأصل، مصطفى العقاد، مخرج فيلم "عمر المختار.. أسد الصحراء"، ثم أنتج فيلم الرسالة عام 1981، والذي يحكي هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وانتشار الإسلام.

المخرج مصطفى العقاد قال في حوار معه إن المشكلة بين العرب والغرب لا تكمن فقط في التشويه المستمر للعرب، ولكن في عدم قدم العرب على عرض صورتهم بالشكل الصحيح، ووجد أن السينما أفضل أسلوب لتقديم الثقافة العربية بشكل هادئ يدخل إلى بيوت الغرب.. مصطفى العقاد قال عن فيلم الرسالة قبل إنتاجه: "شعرت بواجبي كمسلم عاش في الغرب بأن أقوم بذكر الحقيقة عن الإسلام.

إنه دين لديه 700 مليون تابع في العالم، هناك فقط القليل المعروف عنه، مما فاجأني.. لقد رأيت الحاجة بأن أخبر القصة التي ستصل هذا الجسر، هذه الثغرة إلى الغرب".. وقبل وفاته كان مصطفى العقاد يجهز لإنتاج فيلمين سينمائيين أولهما يتحدث عن فتح الأندلس والآخر يتحدث عن صلاح الدين الأيوبي، وكان العقاد يرى في صلاح الدين الأيوبي نموذجا جيدا لتقديم الإسلام.

بعد غزو العراق عام 2003، استمرت السينما الأمريكية في تشويه صورة العرب والعراقيين.. فيلم "القناص الأمريكي" الذي تم إنتاجه عام 2014 -على سبيل المثال- والذي تدور أحداثه حول قناص أمريكي في العراق، هو امتداد لتشويه صورة العرب.. الفرق أنه قبل رحيل مصطفى العقاد وجاك شاهين، كان هناك إنتاج سينمائي عربي يسعى للتغلغل داخل المجتمع الأمريكي، حيث كان يسعى مصطفى العقاد، وكان هناك من يسلط الضوء على الأطر السلبية التي تسعى دوما لتشويه العرب، مثلما كان الدور الحيوي لجاك شاهين.

الآن وبعد رحيل العملاقين "جاك شاهين" و"مصطفى العقاد" من سيدافع عن صورة العرب في السينما؟ سؤال لا توجد له إجابة حتى يظهر من يستكمل طريقي مصطفى العقاد وجاك شاهين.
الجريدة الرسمية
عاجل