رئيس التحرير
عصام كامل

كارثة في سهل الطينة


أهكذا نقنع المواطنين بتعمير سيناء.. هجمة عنترية شنتها وزارة الموارد المائية والري، على المزارع السمكية المرخصة والمقننة بمنطقة "سهل الطينة" بشمال سيناء والتابعة لمحافظة بورسعيد إداريًا.


فوجئ المزارعون الذين حصلوا على تصاريح من وزارة الزراعة باستغلال الأرض غير الصالحة للاستصلاح وتحويلها إلى مزارع سمكية، بجرارات ولودرات تزيل المزارع السمكية على مساحة 16 ألف فدان، والتي أنفقوا مئات الآلاف لإقامتها، دون سابق إنذار.. وتحجج مسئولو الري بأن تلك المزارع مخالفة وتؤثر فى المقننات المائية.

تقول "ويكيبديا" عن "سهل الطينة": هو المنطقة ما بين البحر المتوسط شمالًا وهضبة التيه جنوبًا، وهو سهل منبسط تكثر فيه موارد المياه الناتجة عن الأمطار التي تنحدر مياهها من المرتفعات الجنوبية وهضبات المنطقة الوسطى، وهي منطقة أرضيتها ملحية ورخوة.

حكى لي أحدهم أن الحياة والاستمرار في تلك المنطقة تمثل ملحمة من الكفاح، تكشف عن معدن المصريين.. فكم عانوا من الإرهابيين وقطاع الطرق، الذين اغتالوا العشرات منهم غدرا، وعلى سبيل المثال لواء سابق، سعى للإقامة في المكان ومعه زوجته وأبناؤه، عقب خروجه للمعاش، محاولا إنشاء مشروع للمستقبل، ولتعمير الأرض المصرية، إلا أنه تعرض لحادث بشع أثناء سيره في وضح النهار، حيث استوقفه عدد من قطاع الطرق، وكانت زوجته معه في السيارة، وأمروه بترك السيارة إلا أنه رفض وحاول مقاومتهم، فما كان منهم إلا أن أمطروه بوابل من الرصاص، وقتلوه بدم بارد على مرأى ومسمع من زوجته.

قال لي الرجل إنهم كانوا لا يستطيعون النوم ملء جفونهم، بل لم يكونوا يدخلون الحمام إلا بأسلحتهم، ولا الخروج للأسواق بمفردهم بل في مجموعات، خشية رصاص الإرهاب، الذي يستهدف تحويل سيناء إلى شبه جزيرة مهجورة ومنعزلة عن العالم ليسهل عليهم احتلالها.

وإذا كانت الحكومة تريد تعمير سيناء.. فلماذا أقدمت وزارة الري على تلك الخطوة الكارثية التي دمرت استثمارات مئات الفلاحين؟!

وإلى متى التخبط في اتخاذ القرارات، فرغم موافقة وزارة الزراعة على تحويل الأرض لعدم صلاحيتها للزراعة إلى مزارع سمكية، سارع بلدوزر الري لتدميرها.. كافحوا عدة سنوات، حتى بدأت المزارع السمكية تؤتي ثمارها، فإذا ببلدوزر الحكومة يغتال الحلم، ويفعل بهم أسوأ مما فعله الإرهاب.
الجريدة الرسمية