أبناء العم.. أهلا بكم في الهلال السني
مع مرور الوقت ستصبح الأجيال الجديدة أمام حقائق مدهشة.. حقائق مغايرة للواقع.. حقائق مزيفة خاصة أن النظرة السطحية تشير إلى أن الخطر الذي يهدد مصر على سبيل المثال لا يأتيها من حدودها مع الكيان المحتل.. الخطر يحيق بنا من السودان وبدلائل كثيرة.. تهريب الأسلحة والإرهابيين يجرى على قدم وساق.. الخطر يتهددنا من حدودنا مع "الأشقاء" في غزة.. الخطر يتسرب إلينا من حدودنا الغربية مع " الشقيقة ليبيا".
باختصار لم ترد إلينا مخاطر من ناحية الكيان الصهيوني على الإطلاق وتشير الوقائع إلى أنهم متعاونون معنا في حربنا على الإرهاب! إضافة إلى أن هذا الكيان هو الأول من حيث التعازى التي تقدم للقاهرة وهو الأول من حيث بيانات الشجب والإدانة التي تنطلق فور وقوع حوادث إرهابية على أراضينا وهو الكيان الذي لم يتورط -حسب رؤيتنا- في إحداث الفوضى التي عمت البلاد فور اندلاع ثورة يناير بل على العكس كان "أشقاؤنا" في غزة أول العابرين برا إلى شوارعنا!!
أما القوة العربية الثانية وهى المملكة العربية السعودية فإن الخطر الذي يحيق بها لم يأتها من إسرائيل المحتلة وإنما جاءها عبر حدودها مع اليمن أو هي تورطت في اليمن لا فرق بين هذا وذاك والأخطار الجديدة التي تكاد تعصف بها الآن إنما وردت اليها من دويلة صغيرة تدعى قطر وقطر لمن لا يعرف دولة عربية خليجية.. هكذا ترسم الوقائع الجديدة شكلا مثاليا لكيان قام على الغصب والاغتصاب.
وبعيدا عن نظرية المؤامرة فإن حكامنا جميعا لديهم من المعلومات ما يؤكد أن كل الأخطار إنما تدار من هذا الكيان الغاصب ليس هناك مستفيد من تلك الأوضاع قدر استفادتهم.. إسرائيل هي المتحكم الرئيسى في السياسة الخارجية الأمريكية بسبب قدرة جماعات الضغط اليهودية في واشنطن وأيضا إيمانا من الغرب وأمريكا أن إسرائيل هي أرخص قاعدة عسكرية لهم في المنطقة.. بها واعتمادا عليها سيطر الغرب على ثرواتنا في ظل غياب للمفهوم الحقيقي للمصالح العربية وانطلاقا من كون المنطقة تعيش واحدة من حالات الجمود السياسي والديكتاتورى على حساب المصلحة الوطنية العربية.
المثير أن ما كان يحاك سرا في الماضي أصبح يحاك على الهواء مباشرة فلم تعد هناك أسرار لا يعرفها المواطن العربى ولم تعد هناك مؤامرات سرية ينسج خيوطها الغرب بعيدا دون أن ندرى.. بالأمس القريب وعلى مدار تاريخنا البعيد كان المارد الأمريكي يعلن صراحة عن نواياه تجاه منطقتنا التي يبدو أنها لن تخرج من دائرة الشيطان إلا بعد فراغ ثرواتها البترولية التي كانت في الحقيقة وبالا تاريخيا عليها وأثبت الواقع أنها تدار وفق إرادة الغرب.
الإرهابيون في سيناء كما غيرهم في بقاع الوطن العربى ليست لديهم مشكلة مع الكيان الصهيونى فالجيش السورى الحر يعالج جرحاه في تل أبيب وإرهابيو سيناء اعتذروا لإسرائيل عندما سقطت قذيفة منهم بالخطأ على فلسطين المحتلة والمجاهدون الجدد في ليبيا لا يستهدفون إلا الداخل الليبي والتسرب إلى داخل أراضي مصر، وربما العبث بأمن تونس، ومن ثم الوصول إلى الجزائر.
الذين يفجرون شوارع بغداد والذين يقتلون الشعب السورى والذين يحاصرون الاستقرار في مصر والذين يعبثون بمقدرات ليبيا والذين يناضلون بالموت على أرض سيناء ليسوا على عداء مع الكيان الصهيوني.. أليست هذه حقائق دامغة أمامنا؟ أليست إسرائيل هي ملاذ الأمن في المنطقة؟ أليست تل أبيب قبلة القطريين ومن بعدهم الخليج كله الذي يسير على نفس الدرب؟ أليست إسرائيل هي الحاكمة والمتحكمة في كل مقدرات الأمن بالمنطقة؟
قريبا لن تكون صدمة حضارية عندما تصبح إسرائيل ضمن الهلال السني في مواجهة الهلال الشيعي ذلك العدو الجديد الذي تمت صياغته في عواصم الغرب وطهران ليست بعيدة عنه.. سيصبح أصدقاؤنا في إسرائيل قوة سنية في مواجهة غطرسة إيران وتدخلها السافر في شئون العرب.. إلى هذا الحد تصبح الخارطة الجديدة مقبولة للأجيال الجديدة أما فلسطين فإن الحل قائم.. أراض بديلة ودولة بلا سيادة وحكامنا على استعداد لقبول أي حل طالما ظلت الكراسي داخل القبيلة.
سنحكى لأبنائنا عن خطايا الماضي عندما خضنا حروبا مع أبناء العم.. تنطلق فتاوى السلطان لتثبت للصغار أننا أخطأنا عندما لم نتبين أن اليهود غير الصهاينة وأن سكان فلسطين المحتلة ليسوا إلا يهود لم يرفضهم رسول الله.. إنهم أهل كتاب ومن الكفر أن نحارب أهل كتاب.. ستخرج الروايات الأدبية لتحكى لنا عن زواج عربى من يهودية كتابية لم يرفضها القرآن الكريم وسيقول لنا المؤرخون إن إصلاح الخطأ التاريخي أولى من الاستمرار فيه.
ستدور مطابع الملوك لتنبت لنا كتبا وموسوعات عن فضل اليهود وكتب اليهود المقدسة وضرورة العيش لأن الأرض ملك لله وليس للبشر أن يعبثوا بإرادة الخالق.. سيقول المتشائمون فينا: "إن عدتم عدنا" ويجب علينا جميعا أن نسعى لكى يعودوا لأن عودتنا ترتبط بعودتهم.. ساعتها يختلط على الناس الحابل بالنابل وتضيع الحقائق التي ضاعت فعلا ويصبح الصهيوني يهوديا مسالما من حقه أن يعيش ولن يكون مدهشا إذا خرجت من بيننا أصوات تطالب بتعويضهم والاعتذار لهم على ما اقترفته أيادينا الملوثة بدماء الأبرياء من أبناء العم.