رئيس التحرير
عصام كامل

3 أسباب تمنع عودة «القاعدة» على أنقاض «داعش».. تشوه مفهوم الجهاد لدى عموم المسلمين بسبب جرائم تيارات الإسلام السياسي.. فقدان الظهير الشعبي.. يقظة المخابرات العالمية

فيتو

في أبريل عام 2013، كانت البشرية على موعد مع تدشين أعنف تنظيم دموي، ربما في تاريخ الإنسانية كلها- داعش، يومها نشر التنظيم فيديو صوت، به كلمة مقتضبة لأبو بكر البغدادي، أمير التنظيم، لم يعلن فيها فقط قيام دولة الخلافة المزعومة، بل صـرف في كلمته القبلة عن تنظيم القاعدة، وحوّله لخيال مآتة ضخم، يوشك على السقوط وحده.


كان الحدث غريبا على من هم خارج التنظيم، عظيما على أفراده؛ اجتهد رجال البغدادي في تصوير الأمر لبعض المتمسكين ببيعتهم لـ«القاعدة»، على أنهم لم يفعلوا أكثر من استغلال سوء رؤى أتباع بن لادن والظواهري، الذين لم يستخدموا لحظة فارقة، جاءت إليهم على طبق من ذهب، وهي في نظرهم الخراب الذي حل ببعض الدول العربية، من جراء انحراف مسارات دول الربيع العربي، بعدما وقعت في فخ التشرذم والانقسام؛ لتصبح- خلافة الدواعش- تلوح لهم في الأفق؛ ملقاة على قارعة الطريق، تنتظر فقط من يتلقفها.

صعود داعش
4 سنوات كان فيها تنظيم «داعش» مليء السمع والبصر، وخلالها نجح في توسيع رقعه الأراضي التي يتمدد عليها، وابتداءً من عام 2014، انتشر التنظيم بشكل ملحوظ، وحصل على بعض الدعم في البداية بالعراق؛ بسبب التمييز الاقتصادي والسياسي المزعوم ضد السنة العراقيين العرب، ولهذا نجح في اجتياح الرقة، وإدلب، ودير الزور، وحلب، قبل أن ينتكس تدريجيًا، بفعل الحملة الدولية عليه، والنجاحات التي حققتها العراق وسوريا في التخلص منه، وضجر المواطنين في هذه المناطق من جرائمة الدموية، يبقي السؤال الأهم: هل يعود تنظيم القاعدة- مع أفول نجم داعش- للواجهة من جديد؟

ظهير شعبي
تقارير دولية، اعتبرت أن تنظيم القاعدة سقط للأبد؛ لعدة أسباب، أهمها على الإطلاق، فشله في خلق ظهير شعبي بين السكان المحليين، على عكس تنظيم «داعش»، وأوضح تقرير صادر عن معهد بروكينجز أن "القاعدة" خسر بنيته العالمية؛ بسبب تواريه أمام التنظيم الجديد، الذي حقق معجزة في نظر التكفيريين والمتطرفين، بإعلانه إقامة الخلافة التي طال انتظارها.

ويرى المعهد، أن تنظيم القاعدة، تقوقع في خمول، منتظرا تعثر سريع للولايات المتحدة في أفغانستان، على أن يقوم إثر ذلك باستقطاب المسلمين، وحشد الجماعات الجهادية خلف رايته، وإيقاع أمريكا في مستنقع يؤدي لإذلالها وانهيارها في نهاية المطاف، وهو ما لم يحدث، بل على العكس، فقد تنظيم "بن لادن" 80% من مقاتليه بأفغانستان، خلال الأشهر الأخيرة من 2001، بينما جاء سقوط طالبان، ليمثل خسارة ثلاثية للقاعدة، بعد أن أفقده حكومة داعمة، وأصبح مطاردا، ولم يعد يدرب أو يحشد بالمستوى نفسه، الذي كان عليه قبل أحداث 11 سبتمبر.

الاستخبارت العالمية في قلب المواجهة
أسفرت جهود أجهزة الاستخبارات العالمية، عن تدمير البنية التحتية للقاعدة، الأمر الذي أثر على عملياتها بشكل كبير، بعدما انتقل التنظيم من سرية التخطيط، قبل أحداث سبتمبر، وخاصة في أوروبا وآسيا وأمريكا، إلى استعراض العضلات، لتبدأ القوى العالمية على الفور، في ترتيب خطط دولية لمكافحة الإرهاب، وخاصة مع انزلاق أفغانستان في أتون الحرب الأهلية، وظهور باكستان كملاذ للقاعدة على أراضيها، ما أدى إلى تعاظم استخدام الطائرات الأمريكية دون طيار «الدرونز»، التي دكت حصون القاعدة، وكشفت مخابئها.

فشل محاولات الحشد
مشكلة أخرى وقع فيها تنظيم القاعدة، وكشفت بصورة كبيرة، انفصاله عن الواقع، حيث كان يرى، أنه بإمكانه قيادة العالم الإسلامي، رغم نفور المسلمين منه، وخاصة بعد أحداث سبتمبر، ولم يفق التنظيم من سكرة دعم التيار الإسلامي له، إلا بعد اجتياح حمى داعش لأغلب التنظيمات المتطرفة التي بايعته، وأعطته الأفضلية، ليصبح "القاعدة" فجأة من مخلفات الماضي، سواء للعناصر التكفيرية التي صعدت للقمة، ولم تعد ترضى بها بديلا، أو لعموم المسلمين الذين تشوه لديهم مفهوم الجهاد، وبات يمثل قتامة سوداء، بسبب الجرائم التي ارتكبتها تلك الجماعات، المنسوبة زورا للإسلام، وهو منهم براء.

يري إبراهيم ربيع، القيادي الإخواني السابق، بجماعة الإخوان الإرهابية، أن عودة القاعدة في هذا التوقيت الحرج مستحيلة، خاصة بعدما بات هناك وعي عربي حكومي وشعبي، بمخاطر التنظيمات المتطرفة.

ويؤكد ربيع، أن جرائم داعش، تركت أثرها على الحكومات والشعوب، ومن المستحيل ترك هذه الأفاعي السامة تجدد جلودها من جديد؛ لتعيد الكرة في بلاد أعيتها الحروب والدمار، وتفرق وتشرذم أبنائها، مؤكدا أن الحل يكمن في توحد عربي؛ للخلاص ذاتيا ودون الاتكال على الغرب من الإرهاب وداعميه، سواء كان أطرافه تنظيمات أو دول.
الجريدة الرسمية