رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. شيالو محطة مصر رحلة عذاب على طريق «لقمة العيش»

فيتو

ليسوا مسافرين ولا مودعين، لكن مستقرهم ومقامهم مع مرور السنوات بات هذا المكان الفاصل بين عالمي "الذهاب والعودة".

تتشابه ملابسهم وخطوات أقدامهم الدائبة على السعي في أرجاء "محطة مصر" منذ مشرق الشمس حتى نهاية اليوم، ففي زيهم الأزرق المائل للسواد أثر لتراكم أتربة الحقائب عليه، وعجلاتهم الحديدية لا تفارق أيديهم طوال فترة العمل.

يخوضون في نقاشات مع هذا المسافر أو ذاك، في معركتهم الأهم وهي محاولة جذب الزبون وجعله يوافق على توصيل حقائبه إلى رصيف المحطة بعجلاتهم الحديدية، لتتكرر الرحلة القصيرة التي تبدأ من مدخل المحطة وتنتهي عند الرصيف أو على باب القطار.

"شيالو" محطة مصر، هذه الفئة التي ولدت منذ اللحظة الأولى لميلاد سكك حديد مصر في العهد الملكي، وتطورت ظاهريًا من حمل الحقائب على الأكتاف، إلى الاستعانة بعجلة حديدية يسحبونها أمامهم وهي تقل كافة الأمتعة الخاصة بالمسافرين، لكن جوهرها بات ثابتًا، يذكرنا دائمًا بشخصية الراحل فريد شوقي في فيلمه "صاحب الجلالة".

مسعد رشاد، رجل ستيني، من محافظة القليوبية، يعمل شيالا في محطة مصر منذ خمسة وعشرين عامًا، حين أصر والده أن يأخذه معه إلى المحطة وهو في شبابه حتى يتعلم المهنة ويتقنها، "أنا هنا من أيام ما كنا بنشيل الشنط على أكتافنا أو على الشيالات القديمة اللي كان حجمها كبيرا" هكذا قال مسعد.

يومه يبدأ من السابعة صباحًا حين يتجه إلى المحطة عاقدًا العزم على بدء المعركة اليومية من أجل "لقمة العيش"، فما إن يصل إلى المحطة يستحث الركاب وأقاربهم من أجل أن يحمل لهم أمتعتهم إلى الرصيف فقط بعشرة أو عشرين جنيهًا، قليل منهم يستجيب والكثير يستعيض عن عم مسعد بعجلات حقيبته.

نقابة الشيالين
"كتير نادينا إن يتعمل لنا مرتب ثابت بدل ما احنا عايشين على البقشيش اللي بيديهولنا الزبون، ولا حد سأل فينا"، بنبرات تذمر يتحدث مسعد هكذا عن عدم ضمان مرتب وتأمين صحي ثابت لهم، مما يجعل كافة النفقات عليهم، في حين لا تتعدى يوميتهم السبعين جنيهًا، وأحيانًا لا يحصلون جنيهًا فيقول "أنا ساعات بروح البيت الساعة 4 زي ما جيت من غير ولا جنيه".

وفقًا لما قاله مسعد، سئم الشيالون من تكرار النداءات بضرورة توفير الراتب الثابت، وقال "الشيالين زهقوا من طلب المرتبات وتوفير تأمين، لحد ما فقدوا الأمل وسكتوا".

تعود الابتسامة لتكسو وجه مسعد من جديد، حين يتحدث عن نقابة الشيالين التي طرح فكرتها الفنان الراحل فريد شوقي، وما زالت حتى اليوم تقدم لهم خدمات وتنادي بمطالبهم، وتدافع عنهم إذا تطور الأمر يومًا إلى معركة مع أحد الزبائن، فكأنها هي الأمل الوحيد الباقي لهم يجعلهم على قيد مهنة معترف بها رسميًا.
الجريدة الرسمية