رئيس التحرير
عصام كامل

علي أمين يكتب: الغربة ومرارة الشوق

على أمين
على أمين

تسع سنوات قضاها في الغربة بعيدا عن الوطن افترق فيها عن توأمه الصحفى مصطفى أمين، متنقلا في بلاد الله مستشارا للعديد من المؤسسات الصحفية في لبنان وأوروبا عاد إلى أرض الوطن فكتب مقالا في جريدة الأخبار عام 1974 يصف فيه مرارة الغربة فيقول:

النظرات التي تبكي بغير دموع، وتصرخ بغير صوت، وتنزف بغير دماء، النظرات المليئة بالحزن والألم، الناطقة بالحيرة والعذاب كانت كلها في عينى عندما اضطررت إلى أن أعيش تسع سنوات بعيدا عن بلادي تائها غريبا.. رجلا بلا عنوان.

والذي ذاق جحيم الغربة وكابد نار النفي يسمع جيدا أنين قلوب هؤلاء الشهداء الأحياء الذين اضطروا أن يهاجروا من وطنهم وأن يتركوا بيوتهم وأن يحرموا من أعمالهم وأن يبتعدوا عن أصدقائهم وأحبائهم.

كنت أذهب إلى أكبر الفنادق.. كنت أجلس في أعظم المطاعم.. كنت أجلس مع أعظم رجال العالم، ومع ذلك كنت أشعر بأننى متشرد ضائع أسير على غير هدى.

كان شيء ما ينقصني، كنت أحيانا أحس بأنني أختنق لأني في حاجة إلى نسمة من هواء بلادي، كنت أتلوى من العطش.. أريد نقطة من نيل بلادي.

كنت أتحسر على ذلك العطر الخالد من مجموع أنفاس الشعب الذي أحبه وأعشقه وأهواه.. الذين غابوا عن أوطانهم وحدهم وحرموا منها يعرفون ما هي مرارة الشوق للوطن.. ما هو ألم الجرح الذي يحدثه الفراق عن بلدك وبيتك وأهلك وأصدقائك وعملك.

قلبى مع كل المهاجرين.. وليعلموا أنهم سيعودون في يوم قريب إلى بيوتهم وإلى أهلهم وإلى أوطانهم، ومثلما تغني فيروز في لبنان سترجع يوما إلى حينا.. سنرجع أخبرنى العندليب بأن البلابل لما تزل هناك تعيش بأشعارنا.

لقد أضناني السهر وخيالات الوهم وصوت فيروز تغنى بلهجتها اللبنانية "ذكرتك يا عالية.. يخرب بيت عيونك يا عالية شو حلوين".
الجريدة الرسمية