رئيس التحرير
عصام كامل

المجر الصديقة الوفية لمصر بالاتحاد الأوروبي


طبقًا لتصريحات بعض المسئولين بالاتحاد الأوروبي في بروكسل فقد تأكد أخيرًا النصف الثاني من شهر يوليو عقد الاجتماع الأول رفيع المستوى لمجلس الشراكة الأوروبية المصرية، وهو الاجتماع المعطل منذ سنوات؛ وتمثل المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي نقلة نوعية في العلاقات المصرية الأوروبية، وتؤكد كذلك هذه العلاقة الاستراتيجية بين الطرفين، حيث يعتبر الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في التنمية، من حيث المساعدات التنموية كما أن مصر تعد من أكبر 20 شريكا تجاريا للاتحاد الأوروبي، حيث تدير مفوضية الاتحاد الأوروبي في مصر ما يقرب من 250 مشروعا تبلغ قيمتها 1.3 مليار يورو، فضلا عن أهمية مصر من حيث دورها السياسي في حل المشكلات في ليبيا، وفلسطين، واليمن، والبحر الأحمر، والقرن الأفريقي..


لا شك أن هذا الاجتماع يمثل انتصارا للدبلوماسية المصرية ونجاحا للحكومة المصرية في القفز خطوات للأمام على طريق تحسين علاقة مصر بالاتحاد الأوروبي، وتجاوز الجمود الذي شهدته العلاقات المصرية الأوروبية بسبب الأحداث السياسية التي مرت بها مصر في السنوات الأخيرة، إن مثل هذا الاجتماع المرتقب خضع لترتيبات وتفاهمات عديدة بين الجانبين المصري والأوروبي، فقد سبق وفى نوفمبر 2015 أن راجع الاتحاد الأوروبي "سياسة الجوار الأوروبية" وتفهم أخيرًا الأزمات التي تمر بها الدولة المصرية، وفى القلب من تلك الأزمات دور مصر الحيوي في مكافحة الإرهاب، ومحاولة الحفاظ على مؤسسات الدولة، وتخلى الاتحاد الأوروبي عن بعض المفاهيم المغلوطة التي صدرتها بعض وسائل الإعلام الإقليمية والغربية عن مصر..

وكانت ألمانيا وفرنسا أهم زعماء دول الاتحاد الأوروبي قد أوفدت وفدا رفيع المستوى إلى مصر للترتيب لعقد الاجتماع الأول؛ حيث قامت ميركل بزيارة لمصر في مارس الماضي، كما قام وزيرا الدفاع والشئون الخارجية الفرنسيان في يونيو الماضي بزيارة مماثلة لمصر، لكن هذه التحركات لا تنسينا الدور الكبير الذي قامت به المجر، التي تعد الصديق الوفي لمصر داخل الاتحاد الأوروبي..

وهى الدولة التي تربطها بمصر علاقات قديمة حيث بدأت العلاقات الدبلوماسية بين مصـر والمجـر بعد انفصالها من إمبراطورية النمسا والمجـر عام 1928، وتم إيفاد أول سفير مصـري للمجـر عام 1948، وشهدت العلاقات المصرية المجرية صعودا وهبوطا على مر التاريخ، إلا أن موقف المجر من ثورة 30 يونيو، ودعم جهود الدولة المصرية في مواجهة الإرهاب أحد أهم المواقف التي لا تنسى لدولة المجر، هذا فضلا عن دفاع المجر المستمر عن مواقف الشعب المصري داخل الاتحاد الأوروبي، وقد كان لسياسة المجر الداعمة لمصر داخل الاتحاد الأوروبي أثر كبير في تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة داخل الاتحاد الأوروبي..

وقد كان لسياسة المجر الثابتة أن استقرار مصر هو أفضل ضمان لاستقرار الشرق الأوسط ومنطقة الجوار المباشر لأوروبا، وأعلنت المجر كذلك عن دعمها الكامل حصول مصر على مقعد في مجلس الأمن الدولي، كما دافعت المجر عن مصر أمام مجلس حقوق الإنسان الدولي ورفضت الموافقة على أحد بنود البيان الذي ألقاه الاتحاد الأوروبي والذي كان يريد اعتبار مصر منطقة خطر بسبب ما كانت تشهده مصر في ذاك الوقت من عمليات إرهابية.

ويبدو أن الاتفاق على عقد الاجتماع الأول لمجلس الشراكة الأوروبي المصري قد أزعج كالعادة بعض المنظمات الدولية المعادية لمصر، فقد قامت منظمتي هيومن رايتس ووتش والفرونت لاين بإصدار بيانات تحذر فيها دول الاتحاد الأوروبي من عقد مثل هذا الاجتماع، زاعمين أن هناك انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في مصر، ورغم أن الأمر ليس بجديد على منظمات تعادي الدولة المصرية وتقف في وجه مصالح الشعب المصري فإن وجه الاستغراب هو كيف لمنظمات دولية تدعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان أن تقف وتحرض دول الاتحاد الأوروبي على مزيد من التعاون والاستثمارات لمصر، لا شك المستفيد الأول منها هو المواطن المصري..

على أي حال نجحت الدبلوماسية المصرية، وسقطت كالعادة المنظمات الدولية التي تنحاز لمصالح جهات بعينها، وليس مصلحة المواطن المصري.
الجريدة الرسمية