رئيس التحرير
عصام كامل

خالد ثابت وجنون مدبولي والحركات الأربع


التعامل مع القاص خالد ثابت كالتعامل مع المقولة الساخرة «اقعد على التليفزيون واتفرج على الكنبة» - إشارة لتغيير روتين الحياة- وهذا ما يفعله مؤلفه الأخير «شيمان ديه دام» والذي يجعلك تحك رأسك عشرات المرات وتغير من جلستك مائة مرة ربما تتكئ يمينا أو يسارا أو تعض أصابعك قليلا، لما يفعله بعقلك المؤلف خلال فصول متواليته القصصية والتي أطلق عليهم الحركات الأربعة وترك الحركة الأخيرة لقيطة بلا رقم مثل أشقائها دون أن يطلعنا عن السبب.


بكل المقاييس المجموعة «شيمان ديه دام» تكشف عن خبايا خالد ثابت الإبداعية، ومهارته اللغوية، وقدرته على الاهتمام بالتفاصيل والتلاعب بالألفاظ دون أن يثقل على القارئ، لتصبح في النهاية جزءا رئيسيا من المشهد لا يمكن الاستغناء عنه.

والعلاقة بين خالد ثابت وحركاته الأربع تشبه إلى حد كبير قصته «جيران».. والتي يقول فيها "وحدة تخزين المكتب منفصلة عن هيكله، لها أربع عجلات وأربعة أدراج، أوطاهم مدهش، كبير عميق مثير، فهو مستقر الهدايا ومخزن الكراسات الجديدة والأقلام وأنا مغرم بهذه الأشياء.. أحب العجلات التي تحمل على أكتافها الصغيرة وحدة التخزين، إنها تعطى الحرية في نقل أدراجى، حيث أشاء رغم أنى لم أنقلها من مكانها أبدا.. الأدراج الكثيرة مهمة لكى أصنف فيها الأشياء بسهولة، الدرج شبه المسطح الذي يعتلى كل الأدراج هو درجي الأقرب لديّ لأنه يحتوى على الأقلام والمساطر والدبابيس.. أتعامل كثيرا مع الدرج المسطح وأضع فيه أشيائي التي أخبئها بسرعة عن أعين الذين يقتحمون خلوتى". 

فكشفت صفحات «شيمان ديه دام» على ما يحمله صاحبها من خبرات حياتية ورؤى لتفاصيل الواقع قد يغفلها الكثيرون، يعيد صياغتها وطرحها بأسلوب سهل وبسيط يجعل له نكهة ورائحة مميزة لن يستطع عقلك إغفالها أبدا.

حين أفرغت من قراءة «شيمان ديه دام» أدركت جنون إدارة مكتبة مدبولى، وتساءلت كيف تعاملت مع عقل المؤلف الذي أدار ظهره للتليفزيون وجلس يشاهد الكنبه وطبعت له العمل، ولكن سرعان ما فهمت منطق النشر داخل أعرق مكتبة مصرية ودار نشر، وهو ما تركه الحاج محمد مدبولي -صاحب المكتبة– من روح تبحث عن الإبداع والمبدعين دون وساطة أحد.
الجريدة الرسمية