موجة ارتفاعات جديدة في سوق الدواء.. مع بدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة بالعام المالي الجديد.. زيادة أسعار المستلزمات الطبية يؤثر سلبا على العمليات الجراحية والمريض هو الخاسر الوحيد
المريض المصري المتضرر الوحيد من قرارات الحكومة الاقتصادية، الخاصة برفع قيمة الضرائب، منها ضريبة القيمة المضافة المقرر زيادتها إلى 14% مع العام المالي الجديد، وعلى الرغم من إعفاء الحكومة عند تطبيق ضريبة القيمة المضافة المواد الخام المستخدمة في صناعة الأدوية إضافة إلى الأدوية المستوردة من الخارج، ونظرا لأن 90% من صناعة الأدوية تعتمد على الاستيراد سواء للمادة الخام أو كل مستلزمات الإنتاج، بالإضافة إلى أن المستلزمات الطبية المستخدمة في كل العمليات الجراحية أيضًا تخضع لأسعار الدولار، ويطبق عليها ضريبة القيمة المضافة، وبذلك سوف تتأثر الخدمة الطبية بالمستشفيات الحكومية بالسلب، وتتعرض لنقص حاد في الأدوية والمستلزمات وتطول قوائم انتظار جراحات المرضى في كل التخصصات، والتي تصل إلى عام حاليا، وبعد القرارات الاقتصادية الأخيرة ربما تصل إلى سنوات، ويتوفى المرضى في قوائم الانتظار، وبالنسبة للقطاع الخاص يضطر إلى رفع أسعار العمليات الجراحية والخدمات المقدمة بها.
وفي ظل ثبات أسعار المناقصات التي تورد إلى وزارة الصحة سواء للأدوية أو المستلزمات وعزوف الشركات عن التوريد لمستشفيات الصحة، نظرا لتكبدها خسائر فسوف تشهد الأدوية والمستلزمات نقصا حادا، حيث إن وزارة الصحة في مايو الماضي اتخذت قرارا برفع أسعار المناقصات للأدوية التي تورد إليها إلا أنه لم يطبق على أرض الواقع حتى الآن، وكانت بنسب زيادة أسعار تلائم الزيادات السابقة التي حدثت في يناير الماضي، وبعد زيادة الأسعار المتوقعة في أغسطس القادم، لن يكون لزيادات المناقصات أي فائدة وتظل الأسعار لا تلائم تكاليف الإنتاج.
من جانبه قال الدكتور أسامة رستم نائب رئيس غرفة صناعة الدواء: إنه لن تكون هناك موجة جديدة من زيادة الأسعار بعد زيادة ضريبة القيمة المضافة في يوليو القادم، خاصة مع زيادة قيمتها من 13 إلى 14% لافتا إلى أنه ليس شرطا مع وجود زيادة في قيمة الضرائب أن يتم زيادة أسعار الدواء.
وأوضح أن غرفة صناعة الدواء طالبت برفع أسعار الأدوية بعد تعويم الجنيه، لمضاعفة أسعار الدولار بشكل لم تتحمله شركات الدواء حتى لا تخسر وتستطيع الإنتاج، لأن تعويم الجنيه كان له تأثير سلبي على مستقبل صناعة الدواء.
وأضاف أن الأدوية المستوردة وكذلك المواد الخام للأدوية لا يطبق عليها ضريبة القيمة المضافة، وبالتالي لن تتأثر أسعار الدواء، مشيرا إلى أنها مفروضة على الكيماويات غير الفعالة المستخدمة في تركيب الدواء، وكذلك مستلزمات الإنتاج الداخلة في صناعة الدواء.
وأوضح أن وزير الصحة الدكتور أحمد عماد، وعد شركات الدواء بالاجتماع معهم في أغسطس القادم، لمراجعة الأسعار مرة ثانية وبحث ما إذا كان هناك داع للرفع مرة ثانية أم لا، لافتا إلى أن سعر الدولار كما هو منذ موجة رفع الأسعار التي حدثت في يناير الماضي، وبالتالي لن ترفع أسعار الدواء، لكن ربما يتم بحث رفع أسعار أصناف قليلة لكل شركة تسبب لها خسائر، ولا تتناسب تكلفتها مع سعرها ولم ترفع من قبل.
من جانبه قال الدكتور علي عوف رئيس شعبة الدواء باتحاد الغرف التجارية: إن هناك أصنافا من الأدوية المستوردة ما زالت ناقصة بالسوق، وذلك يرجع إلى تأخر تحريك وتطبيق زيادة الأسعار من قبل وزارة الصحة على الأصناف التي زادت أسعارها، مشيرا إلى أن تأثير زيادة الضريبة الخاصة بالقيمة المضافة على أسعار الدواء، لن تؤدي إلى زيادة أسعار الدواء، لأن الدواء والمادة الفعالة معفاة من ضريبة القيمة المضافة.
محمود فؤاد مدير المركز المصري للحق في الدواء كان له رأي آخر عن تأثير ضرائب القيمة المضافة على أسعار الخدمات الصحية قائلا: إنه عند إقرارها خرج وزير المالية ليؤكد عدم شمول الدواء أي خدمات مالية إضافية، واستبشر صناع الدواء ومنظمات المجتمع المدني خيرا، خاصة أن أسعار الدواء بدءا من ٦ مايو ٢٠١٦ وفي ١٢ يناير ٢٠١٧ تحركت مرتين، وزاد نحو ١٠ آلاف صنف بنسب وصلت في أحيان إلى ١٢٠٪.
وتابع: رغم أن قانون القيمة المضافة أكد إعفاء الأدوية المحلية والمستوردة وأيضا المواد الفعالة التي يتم استيرادها من الخارج، فإن هناك مكونات أخرى تدخل في صناعة الدواء لم يشملها القانون، مما أدى إلى دخولها في التطبيق، رغم أن الدواء يخضع لضريبة المبيعات إن كان محليا في مصر ٥٪ أو مستوردا من الخارج ٢٪، كما أن المواد غير الفعالة تختلف نسبتها من دواء لآخر وحسب القيمة الموجودة فيه، وقد يكون هناك دواء تكلفة المواد غير الفعالة فيه أكثر من المواد الفعالة، وبالتالي ستطبق عليه ضريبة القيمة المضافة وسيرتفع سعره وسيدفع المريض فارق التكلفة ويتأثر سلبا بالأسعار.
وأكد فؤاد أن هناك أكثر من ٨ آلاف صنف تم رصد وجود تأثير سلبي بسبب القيمة المضافة، وهو ما جعل الشركات لا تتقدم لإنتاج تلك الأصناف مما أدى لوقوع المريض ضحية والتضحية بحياته، بينما في المستلزمات الطبية فقد ارتفعت أسعار المستلزمات الطبية بنسبة تتراوح ما بين 2 إلى 7%، حيث تختلف الضريبة المطبقة عليها من سلعة إلى أخرى، نظرا لأن ضريبة المبيعات لا تتجاوز 10% على المستلزمات بشكل عام، بخلاف أن بعض المستلزمات كمستلزمات الكلى الصناعية معفاة من الضريبة حاليا.
ولفت إلى أن جميع المستلزمات الطبية ارتفعت أسعارها، ما أدى إلى وجود نقص هائل في الأسواق، الأمر الذي جعل الشركات توقف التوريد إلى المستشفيات لحين زيادة الأسعار.
بدوره قال محمد إسماعيل رئيس شعبة المستلزمات الطبية باتحاد الغرف التجارية: إن تأثير زيادة ضريبة القيمة المضافة يؤدي إلى ارتفاع تكلفة المستلزمات الطبية التي تورد إلى المستشفيات، مشيرا إلى أن أي تكلفة تزيد تلقائيا تحول إلى المستورد الذي بدوره يؤدي إلى رفع سعر المستلزم على المريض والمستشفى الذي يرفع سعر الخدمة الطبية.
وأوضح أن أي زيادة تحدث في قيمة الضرائب تؤثر على ارتفاع سعر المستلزمات، فمن يتحمل تلك الزيادة ليس التاجر ولن يدفع من جيبه فرق السعر، خاصة أن أي زيادة في تكلفة الإنتاج تؤثر على السعر النهائي للمستلزمات، مشيرا إلى أن القرارات الاقتصادية الأخيرة من رفع سعر الفائدة للبنك المركزي، تجبر المستثمرين على زيادة حجم مكاسبهم مع البنوك، وتحقيق عائد لهم في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة الحالية.