من يحاسب هؤلاء ؟
انتهى شهر رمضان، وطويت الصحف، ليجزي الله الذين تاجروا معه خير الجزاء، لكن.. من يحاسب الذين تاجروا مع البشر طوال الشهر الفضيل، وابتزوا المواطنين ليسرقوا بعضا من قوت يومهم تحت مسمى التبرعات؟ سباق محموم بين شركات ومؤسسات وهيئات وأشخاص على جيوب المواطنين، وصراع بينهم استمر أسابيع والفائز بالنصيب الأكبر هو من يرسم صورة سوداوية لمصر استاء منها المصريون في الخارج وعايرهم بها الكثيرون، أين تذهب هذه الأموال التي تصل إلى عشرات المليارات ومن يحاسب هؤلاء التجار الذين انتفخت جيوبهم وكروشهم من أموال التبرعات؟
بالتأكيد هناك استثناءات لكن الصورة القاتمة التي رسمها تجار التبرعات وأساءت لمصر كانت القاعدة وما عداها كان الاستثناء، لن يستطيع أحد أن يشكك في نزاهة وملائكية العالم الكبير مجدى يعقوب الذي يعمل في صمت بعد أن اختار الطريق الأصعب، لكن في المقابل رأينا من يجمعون التبرعات لمؤسسات نتمنى من الجهات المعنية التفتيش في دفاترها لنعرف حجم التبرعات ولمن تذهب، ليس لدى مستندات ضد أحد لكن الصورة السوداوية التي أساءت لمصر في الداخل والخارج تدفعنى كمواطن أولا ثم صحفى ثانيا أن أطلب التفتيش في دفاتر كل من جمعوا تبرعات طوال شهر رمضان، خاصة أننى كنت شاهد عيان على رصد عشرات الملايين لحملات إعلانية من أجل جمع التبرعات، فالمؤسسة التي يديرها شخص وتخصص عشرات الملايين لحملة إعلانية.. كم يكون عائد هذه الحملة ولمن يذهب؟
ألم يكن الأجدى أن تصب هذه الإعلانات في صندوق "تحيا مصر"، ومن خلاله تذهب الأموال للمؤسسات التي تعاني نقصا سواء في الدواء أو التجهيزات الخاصة بالمستشفيات ؟
سوف أفترض حسن الظن في كل من جمعوا تبرعات.. لكن هذا الافتراض مقرون بالمصارحة والمكاشفة، على كل مؤسسة أو شخص أن يقدم إلى الرأي العام الميزانية التي أنفقها في الحملات الإعلانية والعائد المادى لهذه الحملات وكيف يتم التصرف فيها. أحترم الدكتور جمال شيحة رئيس لجنة التعليم في البرلمان، وسيزداد احترامى له إذا قدم كشف حساب بما أنفقه على الحملة الإعلانية الخاصة بالمؤسسة العلاجية التي يرأس مجلس إدارتها، والعائد الذي حققته هذه الحملة، وفى السياق نفسه أسأل الدكتور جمال شيحة.
لماذا تضع اسمك على الحملة كمسئول عن المؤسسة العلاجية ثم تكتب توصيفك كرئيس للجنة التعليم في البرلمان ؟ هل هذا يزيد من حجم التبرعات ؟ وإذا كانت مؤسستك أو مؤسسات أخرى شبيهة في حاجة إلى كل هذه الأموال.. فماذا نقول عن مستشفيات أبو الريش أو الدمرداش أو مستشفيات جامعة المنصورة أو الزقازيق أو القصر العينى ؟
هذه المستشفيات التي تقدم الكشف والعلاج للمواطنين مجانا ويئن المسئولون فيها من ضعف الإمكانيات، أتمنى من الذين جمعوا تبرعات أن يمتلكوا شجاعة المصارحة والشفافية ويقدموا كشف حساب أمام الرأى العام، وأتمنى من الجهات المعنية أن تنظم عمليات جمع التبرعات ولا تتركها للعشوائية المثيرة للشبهات، خاصة أن قنوات عديدة خصصت كل ساعات إرسالها لابتزاز المواطنين من خلال جمع التبرعات بشكل يمثل إهانة متعمدة لمصر وللحالات الإنسانية التي يقدمونها على الشاشة، أتمنى أن يشهد شهر رمضان المقبل نهاية لهذا البيزنس الرخيص.
basher_hassan@hotmail.com