مكرم عبيد يكتب: العيد المبارك
في مجلة الإثنين عام 1947 كتب السياسي القبطي مكرم باشا عبيد مقالا يقول فيه:
العيد المبارك هل هي كلمة أنا قائلها أم ناقلها؟ وهل أنا أشعرها أم أصورها؟
ذلك تساؤل أكاد أتسمعه همهمة وأتخيله تبسمة تنفرج عنها شفاه بعض أولئك المتحذلقين الذين يدينون بالمدنية دون الدين.. وليس لى إلى هؤلاء إلا كلمة أصارحهم بها، وقد صارحتني بها نفسي.. هي أن البركة كل البركة في صوم الصائمين المحرومين الجائعين القانعين.
ولا يحين أحد أن حتى في تهنئة إخواني المسلمين مستمد من صلة في الدنيا دون الدين ــ كلا فما الحق إلا سبيل واحد وإن يكن ذا طرفين وقبلة واحدة.. وإن تكن بين حرمين، فلنتحدث إذن عن هذا الحق من ناحيتيه وعلى صورتيه.
أما من ناحية الدنيا فما أجملها دنيا تلك التي فرقت فوفقت أو بالأحرى فرعت فجمعت بين المصريين على اختلاف مذاهبهم في الدين.
فما من عيد للمسلمين أو للمسيحيين من المصريين إلا وتفتح له الدور في وطننا لاستقبال الفريق الآخر من المواطنين المهنئين المعيدين مع المعيدين.. لا عن مجاملة بل عن مؤاخذة ومجاورة ومزاملة.
أما من ناحية الدين أفتجمعنا في الوطن محبة الإقليم ولا تجمعنا في الله الرحمن الرحيم.. أو نكون اخوة في الوطن وفي إنسانية هذا العالم الأصغر، ولا نكون أخوة في الله والله أكبر.
إلا فنرتفع بالدنيا إلى مستوى الدين، وبالأرض إلى أعالي السماء إذا شئنا لأرواحنا أن تحيا حياة النعيم في دار الشقاء.