رئيس التحرير
عصام كامل

ألاعيب «مافيا» سيارات المعاقين.. رجال أعمال يستغلون ذوي الاحتياجات الخاصة للاستيلاء على مركباتهم.. مصدر أمني: توقيع غرامات على المخالفين.. وبرلماني يطالب الدولة بتشديد العقوبة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

في الوقت الذي تسعى فيه الدولة إلى تخفيف العبء عن ذوى الاحتياجات الخاصة، من خلال منحهم امتيازات مختلفة سواء في التعيينات الحكومية أو الإعفاءات الضريبية المختلفة، تسعى «مافيا» من نوع خاص للاستيلاء على حقوق هذه الفئة من المصريين من خلال التزوير والاحتيال على القوانين.


سيارات المعاقين
ويظهر نشاط تلك المافيا بوضوح في الاستيلاء على السيارات الخاصة بالمعاقين والتي يتم استيرادها من الخارج وفق شروط معينة وبإعفاءات جمركية كاملة، من خلال تزوير تقارير طبية وشهادات وأوراق حكومية أخرى، أو بالاتفاق مع أحد المعاقين..

هذه الحيل والألاعيب تهدر سنويًا على الدولة مبالغ تقدر بالملايين، هي قيمة الجمارك المستحقة على تلك السيارات حال دخولها لأشخاص أصحاء، ومع زيادة الظاهرة بدأت بعض الأصوات تطالب بتشديد إجراءات الحصول على تلك السيارات، فيما رأى آخرون تعديل بعض التشريعات بحيث يتم فرض رسوم جمركية عليها.

تُرى كيف تعمل مافيا الاستيلاء على سيارات المعاقين؟.. وما الإجراءات القانونية التي تطبق عليهم حال ضبطهم؟.. وكيف تواجه الدولة تلك الظاهرة؟ هذه التساؤلات وغيرها يجيب عنها محقق «فيتو» في السطور التالية.

«سبوبة سيارات المعاقين.. مكاسب سريعة وكله بالورق وبالقانون».. بهذه الكلمات بدأ محمد عز وهو سمسار سيارات، حديثه عن «مافيا» من نوع خاص تستغل الإعفاءات الجمركية الكاملة على السيارات المخصصة للمعاقين، في تحقيق مكاسب ضخمة في وقت قصير.

الاتجار في السيارات
وقال: «هناك عدة طرق للاتجار في سيارات ذوى الاحتياجات الخاصة من بينها أن يتم استيراد السيارة بشكل طبيعى من خلال أوراق يقدمها المعاق نفسه، وبعد استلامها من الميناء بدون جمارك، يسلمها مباشرة لشخص آخر مقابل حصوله على مبلغ مالى يتم الاتفاق عليه بخلاف ثمن السيارة الأصلي".

وفى هذه الحالة تظل السيارة مسجلة باسم المعاق إلى أن تنتهى فترة حظر البيع بعدها يتم التنازل الرسمى عنها، وبالطبع خلال هذه الفترة تكون هناك أوراق عرفية بين الطرفين مثل إيصالات الأمانة وغيرها، وهناك من يبيع السيارة بموجب عقود عرفية دون نقل الملكية، وهذه الطريقة تتطلب جرأة كبيرة لذلك فإن معظم الذين يلجئون لها من رجال الشرطة، أو المسئولين لما يتمتعون به من نفوذ يمنع فحص أوراق السيارات، أو التجاوز عن تلك المخالفات، وفى الطريقة الثالثة يبيع المستفيد من الإعفاء الجمركى السيارة لأحد المعارض بثمن قليل وبموجب أوراق عرفية، وبدوره يبيعها صاحب المعرض لمن يرغب مقابل مكسب يتراوح بين 5 و15 ألف جنيه.

سمسار السيارات أضاف أن بعض الأصحاء يحصلون على شهادات طبية مزورة تفيد بأنهم معاقون، ويقدمونها ضمن محررات أخرى مزورة إلى الجهات المختصة، بمساعدة مسئولين في تلك الجهات، ويحصلون بموجبها على إعفاءات جمركية كاملة على السيارات، كما يستخدمون ذات التقارير في استخراج رخص القيادة وغيرها من أوراق خاصة بالسيارة.

وأشار إلى أن سعر السيارة المخصصة لذوى الاحتياجات الخاصة يكون منخفضًا جدا مقارنة بنفس النوع و«الموديل» الموجود في السوق المصري، نظرًا لعدم وجود أي جمارك عليها، فضلا عن أنها تكون ذات كفاءة عالية ومتطورة جدا وبها كماليات قد لا تتوافر في غيرها، والأسعار الرسمية تتراوح ما بين 35، و150 ألف جنيه حسب ماركة وموديل السيارة وسعتها اللترية وما بها من كماليات.

وأضاف أنه يتم بيعها في السوق المحلى من 5 إلى 70 ألف جنيه، أي أن محترفى الاتجار في هذا النوع من السيارات يحققون مكاسب طائلة وبسهولة كبيرة.

استيراد السيارات
«عز» أكد وجود مكاتب متخصصة في استيراد سيارات المعاقين من الخارج، وكل ما على «الزبون» الذي لا يعانى من أي إصابة ولا تنطبق عليه الشروط سوى التقديم لأحد هذه المكاتب وتقديم مواصفات السيارة التي يرغب في شرائها، وبدوره يتفق المكتب مع معاق تنطبق عليه الشروط، وينهى إجراءات الاستيراد بالتعاون مع أطباء ومسئولين في المرور.

كما أكد مصدر أمني مطلع أن أي شخص يقود سيارة مخصصة لذوى الاحتياجات الخاصة غير مالكها، يعرض نفسه للمساءلة القانونية، فضلًا عن توقيع غرامة فورية لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على 500 جنيه، مع حجز السيارة وسحب ترخيصها ولا يتم الإفراج عنها إلا بعد دفع مبلغ مالى كبير، وذلك نظير مخالفة إجراءات حظر بيع واستخدام مثل هذه السيارات.

وأشار إلى أن الأجهزة المختصة لا تتردد أبدا في اتخاذ هذه الإجراءات ضد أي مخالف دون مجاملات، وسبق وأن ضبطت الأجهزة الأمنية ضابطا برتبة ملازم أول، وآخر برتبة نقيب بمديرية أمن دمياط، وملازم أول بالفيوم، أثناء قيادتهم سيارات مخصصة للمعاقين، وتم تحرير مخالفات ومحاضر ضدهم.

وأكد المصدر أن هناك أشخاصا يستغلون الإعفاءات الجمركية وحاجة بعض المعاقين للأموال، ويتفقون معهم على استيراد سيارات مقابل حصول المعاق على مبالغ زهيدة قد لا تتجاوز الـ«5» آلاف جنيه، في حين تباع هذه السيارة بمبالغ كبيرة.

وحدات البحث الجنائى
وأشار إلى أن وحدات البحث الجنائى تعمل بالتنسيق مع المرور ومصلحة الجمارك والأموال العامة، على مطاردة مافيا هذا النوع من السيارات وتقديم أعضائها إلى جهات التحقيق المختصة.

وعن إجراءات ترخيص سيارة لذوى الاحتياجات الخاصة قال مصدر أمني آخر: «المعاق يقدم مجموعة من المستندات والأوراق الخاصة عند ترخيص سيارته المجهزة من بينها، الإفراج الجمركى وتقرير طبى من المجالس الطبية المتخصصة بوزارة الصحة، وطلب استخراج رخصة قيادة خاصة على النموذج المعد لذلك في وحدة المرور التابع لها منطقة سكن مقدم الطلب».

وأضاف أنه يتم إجراء اختبار شفوى في قواعد المرور وآدابه، واختبار عملى في القيادة على السيارة أو الدراجة المجهزة لحالة مقدم الطلب، وبعد ذلك يخضع طالب الترخيص لكشف طبى آخر في القومسيون التابع للمرور لتحديد نسبة إعاقته على وجه الدقة، لاختيار التجهيزات المناسبة لإعاقته، وفى أحيان كثيرة يتم رفض الطلب، نظرًا لعدم قدرة المعاق على القيادة حتى مع التجهيزات الفنية.

المصدر أشار إلى أن قانون المرور الجديد الذي يناقش في مجلس النواب يتضمن ما يسمى «الرخصة المشروطة» والمطبقة في دول العالم وتكون لجميع المرضى وكبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة، وهى تشترط عدم السماح لتلك الفئات بقيادة المركبات خارج نطاق معين، أو على الطرق السريعة.

وشدد مصدر مسئول بوزارة المالية على أن التلاعب في استيراد السيارات الخاصة بالمعاقين، والتي تتمتع بالإعفاء الجمركي، يهدر مبالغ طائلة على الدولة، وفى النهاية يستفيد الأصحاء من هذه الإعفاءات، في حين لا ينتفع بها إلا قلة قليلة من ذوى الاحتياجات الخاصة، كما أنها تحولت إلى «سبوبة» ووسيلة لتحقيق الثراء السريع.

قوانين جديدة
المصدر لفت إلى أنه من الضرورى وضع قوانين جديدة للحد من هذه الممارسات التي تلحق بالغ الضرر بالاقتصاد القومى وتؤثر بشكل كبير على موارد الدولة؛ ومن الممكن وقف استيراد تلك السيارات لفترة معينة أو إضافة شروط جديدة بحيث نضمن ألا يستفيد منها غير المعاقين، مشيرًا إلى أن بعض نواب البرلمان قدم بالفعل طلبات لتنظيم عملية الإعفاءات الجمركية.

واعترف النائب عمر عبد العزيز مصيلحي، عضو مجلس النواب عن ذوى الإعاقة، بوجود ظاهرة التلاعب في سيارات المعاقين، يتورط فيها بعض المعاقين الذين يستغلون التسهيلات الحكومية في حصولهم على سيارة تساعدهم في الانتقالات، للتجارة في ذلك.

وقال مصيلحي: إن تلك الظاهرة منتشرة منذ فترة، حيث يقوم بعض المعاقين الذين لا يحتاجون للسيارة من الأساس، بالحصول على سيارة معفاة من الجمارك، ثم يقومون ببيعها لآخرين أصحاء الذين يقومون بدفع الإفراج الجمركى لها والمقدر بـ١٠ آلاف جنيه فقط، لافتا إلى أنهم يكررون ذلك كل خمس سنوات، حيث إنه وفقا للقانون الحالى يكون من حق أي معاق الحصول على سيارة معفاة من الجمارك كل خمس سنوات.

وأيد عضو مجلس النواب، توجهات الحكومة للتقييد والحد من تلك الظاهرة، التي تضيع على خزانة الدولة أموالا طائلة، بسبب حصول الأصحاء على مميزات جمركية ليست مخصصة لهم، ودعا مصيلحى، لتشديد العقوبات لمواجهة تلك الظاهرة.

"نقلا عن العدد الورقي"...
الجريدة الرسمية