رئيس التحرير
عصام كامل

«سيناريوهات قطر أمام مطالب العودة للحضن العربي».. استمرار المراهقة السياسية.. تجاهل الأشقاء بمكابرة وعناد سياسي.. مزيد من العزلة تنتظر نظام تميم.. وإهمال صوت العقل بنقض العهود

تميم بن حمد أمير
تميم بن حمد أمير قطر

سلمت دولة الكويت التي تقوم بالوساطة بين دول الخليج الثلاث، البحرين والسعودية والإمارات، بالإضافة إلى مصر، قائمة بمطالب الدول الأربع إلى قطر لتنفيذها كشرط لعودة العلاقات الدبلوماسية، وتتضمن 13 بندا تتم الموافقة عليها خلال عشرة أيام من تاريخ تقديمها وإلا تعتبر لاغية.


أمل الاستقرار
وتستهدف المطالب المقدمة للدوحة، بحسب تحليل بثته وكالة أنباء البحرين، تحقيق استقرار دول المنطقة وتماسكها ووحدتها والوقوف بحزم تجاه التدخلات الأجنبية، ووقف دعم الجماعات الإرهابية التي تستهدف زعزعة أمن المنطقة، عبر مطالب لن تستطيع الدوحة التملص منها، فهي دقيقة في صياغتها، ومحددة وشديدة الوضوح، ولعل هذا ما حرصت عليه الدول الأربع بعد أن التفت قطر على اتفاق الرياض بالإيهام بتنفيذه بينما هي لم تنفذ أي بند من بنوده، فهناك عدم ثقة في الطرف القطري وعدم مصداقية له، ولذلك جاءت قائمة المطالب الجديدة حازمة.

الصف العربي
حددت الدول الأربع المطلوب من الدوحة القيام به للعودة إلى الصف العربي دون مواربة، ومن ذلك ذكر الدول والمنظمات الإرهابية التي يجب وقف التعاون معها فورًا والتوقف عن دعمها أو إقامة علاقات معها بعد أن ثبت أنها تضمر الشر للخليج وللدول العربية وسعت إلى تقويض أمنه واستقراره، وفي مقدمتها النظام الإيراني الإرهابي وأتباعه في المنطقة من التنظيمات الإرهابية في البحرين وحزب الله اللبناني، وتنظيم الإخوان المسلمين الذي تحتضن قطر قياداته وتحتضن العناصر المتهمة بتنفيذ أعمال إرهابية في بلدان عربية شقيقة كالإمارات ومصر.

الفضائية الجرثومة
كما كانت المطالب واضحة بشأن قناة الجزيرة، تلك القناة الجرثومة التي تنخر بالجسد العربي عن طريق بث سمومها، والتي لطالما استخدمتها الدوحة لضرب استقرار المنطقة، وهو ما كشفت عنه محادثات هاتفية بين مستشار أمير قطر والإرهابي حسن سلطان، وكذا أحداث ما يسمى بالربيع العربي، والذي قامت الجزيرة بدور كبير في إشعاله مستغلة الشعارات البراقة والتمويل الضخم لها لتكون مشاركا في الحدث وليس فقط ناقلة له كما يقتضي دورها الإعلامي

السقف الزمني
وجاء تحديد المدى الزمني للموافقة على قائمة المطالب وكذلك تحديد مدد زمنية يتم خلالها مراقبة تنفيذ الدوحة للقائمة كإجراءات لا بد منها وغاية في الأهمية لضمان التزام قطر بمدى زمني واضح لتنفيذ ما تتعهد به، وإلا فسيظهر أمام العالم كله أنها تخل باتفاقاتها، حيث حددت الدول الأربع مدة زمنية لحكومة الدوحة لتجيب على هذه المطالب وهي 10 أيام، وإلا تعتبر هذه المطالب لاغية.

وهذا التحديد الزمني مهم حتى تدرك قطر جيدًا أن جيرانها لن يتركوا لها المجال مفتوحا للتهرب من التزاماتها وأنها لا يمكن لها اللعب على الزمن كما جرى في اتفاق الرياض، عندما استغلت وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز لتتملص من تنفيذ الاتفاق.

وتضع قائمة المطالب الثلاثة عشرة قطر بين خيارين لا ثالث لهما فإما التنفيذ الدقيق لها أو أن تواجه عزلة خليجية وهو ما عبر عنه وزير الدولة للشئون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش والذي أكد أن على قطر إما التعامل مع مطالب وشواغل جيرانها بجدية، ودون ذلك فالطلاق واقع.

وضوح دبلوماسي
المطالب هذه المرة شديدة الوضوح ولا مجال لتأويلها والطريق واضح إذا أرادت قطر تنفيذها، أما إذا استمرت في عنادها ومكابرتها فإنه لا حل أمام الدول الأربع سوى السير في طريق المقاطعة ولو لسنوات وهذا الأمر سيعرض قطر لعزلة إقليمية ودولية، حيث يتضامن العالم مع المطالب المستحقة للدول الأربع، خاصة بعد الكشف خلال الأيام الماضية بالأدلة والبراهين التي لا تقبل الشك عن بعض من جوانب المؤامرات القطرية على دول الخليج والدول العربية، وهناك حاليا أكثر من 20 دولة في العالم أعلنت اتخاذ إجراءات عقابية بحق قطر.

واستمرار الأزمة سيدفع دولا أخرى إلى السير في نفس الاتجاه، مما يعني عزلة كبيرة للدوحة، وآثار أكبر على اقتصادها، فلذلك على الدوحة الإذعان لصوت العقل والاستجابة للمطالب العادلة لشقيقاتها وإلا فإن عليها أن تتحمل وزر عنادها.

خطوة طائشة
لقد كان قيام السلطات القطرية بخطوة طائشة لإجهاض جهود الدبلوماسية لحل الأزمة عبر تسريب قائمة المطالب المقدمة لها إلى وسائل الإعلام، حيث يعد دليلا جديدا على عدم جديتها في إنهاء الأزمة وعدم نيتها في تنفيذ هذه المطالب، بما يدفع لمزيد من التصعيد.
إهمال الجهود
ولا شك فإن قيام الدوحة بهذه الخطوة ينم عن عدم تقدير للجهود المضنية التي تقوم بها دولة الكويت الشقيقة للوساطة، فهذا الإجراء القطري غير العقلاني بتسريب قائمة المطالب يمثل إعلانًا عمليًا بفشل جهود الوساطة، وهذه مراهقة سياسية غير محمودة العواقب وسيكون لها آثارها السلبية على قطر، ويضع قطر على بعض خطوات من طلاق خليجي وعربي وربما دولي كحل نهائي لمواجهة التحديات التي تمثلها على الأمن الخليجي، وهو ما أكده قرقاش بالقول إن "التسريب يسعى إلى إفشال الوساطة في مراهقة تعودناها من الشقيق"، وأضاف: من يسعى للحل الدبلوماسي يحترم الوساطة وأعرافها ويتحرك بجدية عبرها، يناقش ويدافع، أما التسريب والهجوم الإعلامي المصاحب فهو دليل ارتباك.

ويؤكد الوزير الإماراتي أنه "لا يمكن القبول باستمرار دور الشقيق كحصان طروادة في محيطه الخليجي ومصدر التمويل والمنصة الإعلامية والسياسية لأجندة التطرف"، وأكد أن "على الشقيق (قطر) أن يدرك أن الحل لأزمته ليس في طهران أو بيروت أو أنقرة أو عواصم الغرب ووسائل الإعلام، بل عبر عودة الثقة فيه من قبل محيطه وجيرانه".

غياب الرشد
ما قامت به قطر ردًا على تقديم المطالب من تصرفات لا ينم عن الرشد والحكمة، ويؤكد أنها ما تزال تتخبط وتتصرف من دون مسئولية، فماذا كانت تنتظر من الدول الأربع بعد كل ما قامت به من تجاوزات، فلم يبق للدوحة من أصدقاء في العالم العربي، فهي تتآمر على السعودية والإمارات والبحرين وتسيء للوساطة الكويتية، وتعبث في سوريا والعراق ومصر واليمن، وسعت سابقًا للعبث في الأردن وتمد خيوط مؤامراتها إلى ليبيا وتونس، وتكرس الانقسام الفلسطيني، ولديها قصص لا تروى في بقية الدول، وأمام هذا المشهد كيف يمكن للدوحة أن تدعي أنها من البيت الخليجي، ومن العائلة العربية الكبرى؟!

فوضى منتظرة
لقد كان لزاما على الدول الأربع وفق مسئولياتها التاريخية ودورها القيادي في حماية الأمة والذود بها عن طريق الفوضى، أن تقدم مطالب واضحة ومحددة وصارمة لقطر هذه المرة حتى لا تسمح بتكرار تجربة نقض العهود التي اعتادت عليها الدوحة، وإيجاد ضمانات مقبولة وآليات واضحة للتنفيذ، حتى لا تعيد الدوحة نفس سيناريو اتفاق الرياض، فقد آن للدوحة أن تتوقف عن أدوارها التآمرية على المنطقة، من دعم وتمويل وتسليح للتنظيمات الإرهابية المتشددة، وزعزعة أمن واستقرار بلدان عدة بالتدخل في شئونها ونشر الإرهاب بها خدمة لأجندتها المشبوهة التي تحمل توقيع ولاية الفقيه.

إن قطر تعرف ما عليها فعله، فلتفعله لتعود إلى جيرانها وأشقائها، فلا مكان لأي مناورات بعد كل محاولات التفاهم التي لم تسفر سوى عن زيادة الخطر على دول الجيران والمنطقة.

فرصة للتوبة
وقد منحت الدول الأربع اليوم الدوحة فرصة للتراجع عن غيها – إذا أرادت - ولكنها قد تكون الفرصة الأخيرة بعد أن جربت معها كل الوسائل للعودة إلى جادة الصواب، فهل تستغلها الدوحة أم تدفعها الرعونة والحماقة إلى السلوك في طريق وعر غير مأمون العواقب؟ وإن كانت المقدمات لا توحي برضوخ الدوحة لصوت العقل بعد تسريبها للمطالب إلى وسائل الإعلام فور تسلمها، مما يحمل في طياته رفضًا ضمنيا لهذه المطالب.
الجريدة الرسمية