إنهم يقتلون المسلمين
الرئيس باراك حسين أوباما يقتل المسلمين أو يسمح لاستخباراته بقتلهم. كل مسلح أو إرهابي يُستهدف بطائرات من دون طيار يُقتل معه مدنيون، بمن فيهم أطفال، والعالم كله باستثناء المسلمين المستهدفين بالقتل، يثور احتجاجاً على انتزاع الرئيس الأمريكي لنفسه حق قتل الناس من دون قرار قضائي، ومع مخالفة صريحة للدستور الأمريكي يرتكبها أستاذ جامعي سابق اختصاصه الدستور الأمريكي.
أمامي عشرات الأخبار والتقارير والدراسات من المصادر التي أتوكأ عليها في طلب المعلومات، وهي تجمع اليمين واليسار، وجماعات حقوق الإنسان في الغرب تحديداً، والكل يدين استخدام الطائرات من دون طيار في غارات تقتل من المدنيين أضعاف من تقتل من المشتبه بهم، وأكرر «مشتبه بهم» فالتهمة ليست ثابتة على أحد، والرئيس الأمريكي يوافق على القتل على الشبهة مخالفاً القانون.
الطرف الوحيد الذي لا يثور لقتل المسلمين هم المسلمون، فالميديا في البلدان العربية والمسلمة تتناول الموضوع على استحياء، وإذا اهتمت يوماً فهي تهمل أياماً، والقتل مستمر، والمدنيون هم الضحايا قبل الإرهابيين المزعومين.
الإرهابيون من القاعدة يستحقون القتل، إلا أنني لا أتحدث عنهم وإنما عن مدنيين أبرياء من باكستان وأفغانستان وحتى اليمن وشرق أفريقيا، وربما غداً غرب أفريقيا إلى الجنوب من المغرب العربي.
هذا ما يحدث ولا يحرك ضمائر المسلمين، وأختار أمثلة:
- «نيويورك تايمز»، في عدد مختصر يصدر مع «الاوبزرفر» الليبرالية يوم الأحد، كان عنوان المانشيت فيه «صفقة طائرات بلا طيارات ختمت بالدم» الموضوع يتحدث عن صفقة بين وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) وعسكر باكستان تعود إلى سنة 2004 وأترجم حرفياً إن «سي آي إيه نظمت مئات الغارات التي قتلت باكستانيين وعرباً، مسلحين ومدنيين معاً». أقول إن الغالبية مدنيون.
- «الإندبندنت» المعتدلة نشرت تفاصيل عن وثائق رسمية أمريكية سرية حصلت عليها مجموعة صحف ماكلاتشي الأمريكية ونشرتها، وهي تظهر أن إدارة أوباما تستهدف بالطائرات من دون طيار مسلحين مشتبه بهم لا يمثلون أي خطر على الولايات المتحدة.
- كتاب جديد عنوانه «إسلوب السكين» من تأليف مارك مازيتي، وهو مراسل مشهور لـ «نيويورك تايمز» فاز يوماً بجائزة بوليتزر، يسجل أمثلة كثيرة على موافقة الرئيس أوباما على قتل ناس من دون تهم ثابتة عليهم بناء على إلحاح جواسيس سي آي إيه.
- «شيكاغو تريبيون»، في مقال كتبه وليام فاف من باريس، تقول: "إن القوات المسلحة الأمريكية ليست شرطياً ولا تملك الولايات المتحدة تفويضاً لمطاردة المتطرفين والجهاديين والمتعصبين دينياً".
- موقع إلكتروني أمريكي لدعاة السلام يتهم الرئيس بمخالفة التعديل الخامس للدستور الأمريكي الذي يضمن دور القضاء (Due process)، أي حق المواطن في محاكمة عادلة أمام محلفين وحماية حقه في الحياة والحرية والملكية الشخصية، كما يضمن حماية الدستور له. والموقع يعود إلى خطاب السيناتور راند بول الشهر الماضي عندما اتهم أوباما بقتل أمريكيين من دون الحصول على موافقة قضائية.
المشكلة ليست أبداً قتل أمريكيين بل قتل مسلمين، خصوصاً مدنيين أبرياء، وخصوصا مرة أخرى أطفال، وينتصر العالم كله للضحايا ويسكت المسلمون.
الرئيس الأمريكي قد يأمر بقتل أمريكي أو اثنين أو عشرة، إلا أن الضحايا المدنيين بالألوف، وهؤلاء جميعاً من العرب والمسلمين.
هل يريد القارئ مزيداً؟ هناك في معتقل جوانتنامو إضراب عن الطعام للسجناء الذين صدرت قرارات قضائية بالإفراج عنهم قبل سنوات، ومع ذلك لا يزالون معتقلين. هؤلاء كلهم مسلمون أيضاً. وكان الرئيس أوباما وعد في مطلع ولايته الأولى بإغلاق المعتقل ولم يفعل. والمحامي البريطاني بن أمرسون الذي قاد تحقيقاً للأمم المتحدة في استخدام الطائرات بلا طيار قرر أن ضحاياها من نوع ضحايا إرهاب القاعدة.
أين المسلمون؟ لماذا لا ينتصرون للمدنيين والأطفال؟ هم يقتلون بعضهم بعضاً في العراق وسوريا وحتى جنوب غرب أفريقيا. كنا تعلمنا أن «الساكت عن الحق شيطان أخرس»، ولكن هذا كان في زمان سابق أفضل.
نقلا عن الحياة اللندنية