رئيس التحرير
عصام كامل

التناول العربي للمثلية الجنسية بين المناقشة الجادة والموضة «تقرير»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

اتسم الحديث عن المثلية الجنسية في العالم العربي بتوخى الحيطة والحذر، ويرجع ذلك لتحفظ المجتمعات العربية ورفضها القاطع للممارسات المثلية شكلا وموضوعًا، إلا أن الآونة الأخيرة شهدت توسعا ملحوظا في طرح القضية ومناقشتها علنيا، ولم يعد يقتصر الأمر على الحلقات التليفزيونية في البرامج التي تطرح القضية ثم تتركها بلا جديد.


مسلسلات رمضان
عرضت المسلسلات الرمضانية هذا العام، عدد من النماذج المثلية العلنية، ففى مسلسل "لا تطفئ الشمس" والمقتبس عن رواية تحمل نفس العنوان للراحل إحسان عبدالقدوس، ظهرت علاقة سرية بين شخصيتى كل من نادر الذي يلعب دوره عمرو صالح المتزوج من آية والتي تؤدى شخصيتها جميلة عوض وبين أمجد صديقه الذي يغير عليه من زوجته.

كما عرضت الحلقة الرابعة والعشرين من مسلسل "واحة الغروب"، المأخوذ عن رواية تحمل نفس العنوان للكاتب بهاء طاهر، مشهد صنفه البعض على أنه يكشف عن مثلية إحدى بطلات العمل وهى "مليكة" التي تؤدى دورها ركين سعد وبين "كاثرين" التي تجسدها منة شلبي، والتي احتضنتها بغرض تهدئتها لكن الأمر كاد أن يتطور لذلك أبعدتها كاثرين عنها طاردة إياها من منزلها.

كما رفع المحامى "هانى محمد حسن" دعوى قضائية اتهم فيها المسلسل الكوميدي "ريح المدام" بالتحريض على المثلية الجنسية، من خلال أحد المشاهد.

وحددت الدعوى المشهد الذي قام خلاله أحد الممثلين في المسلسل بالانقضاض على أحمد فهمى ليمارس الجنس معه، وهو ما اعتبره مقيم الدعوى دعوة صريحة للمثلية.

القائمة القصيرة للبوكر
ولم يقتصر الأمر على دراما رمضان، فكان للأدب حصته من طرح قضية المثلية، حيث يوثق الكاتب الشاب محمد عبدالنبي في روايته الأخيرة «في غرفة العنكبوت» قضية شهيرة جرت أحداثها قبل 16 عامًا، حينما تم توجيه اتهامات لعدد من الذكور بتكوين جماعة دينية سرية، «وكالة الله»، وممارسة أفرادها لطقوس جنسية مثلية، فيما عرف إعلاميا وقتها بقضية «كوين بوت».

وقد نافست الرواية هذا العام على جائزة البوكر العربية ٢٠١٧ ووصلت للقائمة القصيرة، ويرى البعض أن الرواية استحقت الفوز بالجائزة إلا أن قوانين وعادات العالم العربي كانت لها بالمرصاد ولم تسمح لها بحصد الجائزة، فالعرب مازلت تحفظاتهم قائمة فيما يخص موضوعات المثلية والمثليين.

ولم تكن "في غرفة العنكبوت" هي الأولى في طرح القضية فقد سبقتها رواية "عمارة يعقوبيان" للكاتب علاء الأسوانى والتي تحولت إلى فيلم حمل نفس الاسم ولعب دور الشخصيتين المثليتين كل من خالد الصاوى وباسم سمرة.

مغنى "مشروع ليلي" يعلن مثليته
وكان المغنى الرئيسي في فرقة الأندوجرند اللبنانية "مشروع ليلي" أول شخصية فنية عربية تعلن عن مثليتها، وذلك حتى قبل شهرتها أو تكوينها الفرقة، وهو الأمر الذي سبب له الكثير من المشكلات، كان آخرها إلغاء حفل الفرقة بالأردن بدعوى ترويجهم للمثلية.

ويرى أعضاء الفريق أن إلغاء الحفل يأتي ضمن حملة تشويه تتعرض لها الفرقة من قبل الصحافة الأردنية، والتي تقدم معلومات مغلوطة عن أعضاء الفريق ومواضيع أغنياتهم على حد تعبيرهم.

ويرى أعضاء الفريق أن الخط الموسيقي الذي يعتمده الفريق يعالج قضايا ومشكلات مهمة لا يمكن إنكار وجودها في المجتمعات العربية ومنها "القمع والحقوق الفردية وحقوق المرأة، وانتشار السلاح، والطبقية، وجماعات الميم"، موضحا أن تاريخ الموسيقى العربية مليء بالفنانين الذين عالجوا هذه القضايا، لذلك لا يمكن رفض مناقشة هذه القضايا بحجة ومنافاتها لعادات وتقاليد مجتمعاتنا العربية، إلا إذا كانت عاداتنا وتقاليدنا مبنية على نفي الواقع".

التناول الغربي للقضية
وعلى عكس المجتمعات العربية، فان العالم الغربي يعيش حالة من الانفتاح فيما يتعلق بقضايا المثلية والمثليين خصوصًا في السنوات الأخيرة، حيث سمحت العديد من الدول بإقرار الزواج المثلي وبحق المثليين في التبنى.

كما أن العديد من الشخصيات العامة تجاهر بمثليتها وتحظي في المقابل بشهرة عالمية، وتأتى على رأسهم المذيعة الكوميدية "إيلين ديجنرس" والتي مثل إعلانها عن مثليتها في أبريل ١٩٩٧ دعما كبيرا للقضية، إلى جانب المغنى البورتريكى "ريكى مارتن" الذي تقبل جمهوره إعلانه عن مثليته برحابة صدر وبدعم كبيرين، وكذلك المغني الإنجليزي سام سميث الحاصل على الأوسكار، وغيرهم العديد من المشاهير حول العالم من غير المثليين ممن أيدوا حقوق "LGBT" أو ما تعرف في العالم العربي ب "م،م،م،م" وهي اختصارات "مثلي الجنس، مثلية الجنس، مزدوج الجنس، متحول جنسيا".

وتناولت العديد من الروايات العالمية الموضوع ويعد أشهرها "بئر العزلة" للكاتبة الإنجليزية مارجيت رادكليف هول، وقد حظرتها المملكة المتحدة سنة 1928 بسبب موضوعها الذي يتناول السحاق، لكنها نشرت فيما بعد سنة 1949، بعد ستة أعوام من وفاة المؤلفة.

كما تلعب السينما دورا مهما خصوصا مع وجود عدد كبير من الأفلام التي ناقشت القضية، وحصدت في المقابل على العديد من الجوائز العالمية أهمها "milk" و"brokeback mountain" و"carol".

وإلى جانب السينما، قدم التليفزيون عددا من الأعمال المهمة والتي رسخت لقضية المثليين باعتبارها جزءا لا يتجزأ من المجتمع الأمريكى، ففي المسلسل الأمريكى الشهير "friends" قدمت الشخصية المثلية من منظور كوميدى، فبطل المسلسل "روس" تهجره زوجته لتعيش مع صديقتها بعد أن حملت منه، وأخيرا قدم مسلسل "13 reasons why" العديد من الشخصيات في أحداث العمل تباينت بين الفخور بهويته والخجول منها الذي يخشى نظرة المجتمع.
الجريدة الرسمية