سحر «هيرون» يحارب «محمد صلاح»
ارتدى محمد صلاح قميص "ليفربول" برقمه المميز (11) وهو رقم أكبر بكثير من مجموع القمصان الموجودة في دولابي، كما أن القيمة المادية للصفقة ذاتها توازي ما قد أحققه طوال عشرة آلاف عام قادمة.. ولأن الدنيا دي مرسومة، والقسمة دي مقسومة، فأنا فرحي للجميع، وذلك تبعًا لأغنية الراحل "أحمد منيب" التي أرددها من قلبي داعيًا للجميع بالتوفيق بينما أسعى وراء طموحاتي -البعيدة عن عالم كرة القدم- متجنبًا القيام بأي فعل يحتسب ضدي خطأ أو تسلل غير مشروع، حريصًا على الابتعاد عن إصابة الإحباط بدلًا من تحقيق الهدف..
وقد جاء العيد ليجدد فينا ما حطمته بقية أيام العام، لذا لا أنوي اغتياله عمدًا بكلمات المتنبي (عيد بأية حال عُدتَ يا عيد، بما مضى أم بأمر فيكَ تجديدُ) ولكنني أنوي استقباله فرحًا متذكرًا "هيرون" الذي كاد أن يغير العالم بما امتلكه من مهارات، لولا حاجته لفهم الطريقة الأنسب لتوظيف موهبته والاستفادة منها..
تعود القصة للإسكندرية القديمة حينما اخترع "هيرون" أول محرك بخاري يقوم بتحويل طاقة البخار إلى طاقة حركية، واستخدم اختراعه في فتح وإغلاق أبواب المعابد وتحريك تماثيل الآلهة بشكل ميكانيكي ودون تدخل بشري.. كان اختراعه بمثابة السحر الذي سقط فوق رءوس زوار المعابد في القرن الأول الميلادي فأبهرهم الغموض المحيط بتماثيل الآلهة التي صارت تتحرك من تلقاء نفسها وهو أمر غير اعتيادي..
ورغم موهبته واختراعه الفريد إلا أن هيرون السكندري لم يربط الاختراع بالحياة الواقعية ومتطلباتها، حيث جاءت رؤيته في توظيف اختراعه أقل من إمكانيات الابتكار نفسه، لذا اختفت ذكراه لقرون عديدة حتى جاء "جيمس واط" في القرن الثامن عشر ليعيد الاكتشاف مرة أخرى، لكنه نجح في توظيفه بشكل مناسب وربطه باحتياجات الناس فأصبحت طاقة البخار هي السبب الرئيسي في النهضة الصناعية في أوروبا بأكملها.
انتهى اختراع "هيرون" كبذرة صالحة ألقاها القدر في الصحراء القاحلة، فلا الأخيرة استفادت منها ولا سمحت لها بالنمو.. وحتى تنمو أحلامنا على تنوعها فهي تحتاج الاستيعاب التام لقدراتنا ومواهبنا، والدراسة الوافية لأفضل طرق توظيفها وإدارتها وتطويرها والاستفادة منها، وذلك مثلما فعل صلاح ابن محافظة الغربية وجيمس ابن الحضارة الغربية عندها سيصبح النجاح مجرد أمر اعتيادي.