الكرة في الملعب السعودي!
يبدو أن هناك حزبا غير معلن داخل الإدارة المصرية، تخصص في «العكننة» على المواطنين، كلما لاحت فرصة للفرح، فيسارع أعضاء الحزب لإفساد فرحتهم، بإثارة قضايا خلافية تقودهم نحو النزاع والشقاق.. إنه حزب استفزاز المصريين.
فبينما يشعر كل مصري بالسعادة الغامرة بسبب القرارات الحاسمة التي اتخدتها الدول الخليجية.. وعدد من الدول الأخري لمعاقبة قطر على الجرائم التي ترتكبها كل يوم، لزعزعة الاستقرار في الدول العربية ونشر الفوضي في المنطقة، والسعي لإسقاط الأنظمة المستقرة.. أو التي كانت مستقرة قبل التدخل القطري في شئونها الداخلية وإسقاط مؤسساتها الوطنية.
سعادة المصريين لا ترجع فقط إلى العقوبات التي تنفذ ضد الدولة المارقة، إنما لإدراك دول الخليج بل والعالم صحة المواقف المصرية.. التي أكدت على لسان الرئيس أن الدول التي تحول الإرهاب وتحتضنه لا تقل خطورة عن الذين ينفذون الجرائم، بعد أن توفر لهم الحماية والتمويل والتدريب.
في عز فرحة المصريين.. خرج علينا «حزب الاستفزاز» باستعجال طرح قضية «تيران وصنافير» واتخاذ قرار سريع يقضي بتبعيتها للسعودية، دون أن تقوم الحكومة ببذل الجهود اللازمة لإقناع ملايين المواطنين الذين يرون أن الجزيرتين مصريتان، ولا ينبغي التنازل عنهما، ما أدي إلى انقسام الرأي العام ما بين مؤيد ومعارض.
وقد أعلن «مركز بصيرة» نتائج استطلاع أجراه حول تبعية الجزيرتين، أن مؤيدي مصرية الجزيرتين ٤٧٪ ومؤيدي سعودية الجزيرتين ١١٪.. والقضية هنا.. هل كانت هناك ضرورة لإثارة تلك القضية الخلافية في هذا التوقيت بالذات؟
والإجابة.. لا.. بالطبع كان يمكن تأجيلها حتى تتاح للحكومة فرصة تقديم المستندات التي تثبت وجهة نظرها في سعودية الجزيرتين، وحتى يتاح للمعارضة تقديم الأدلة القاطعة على مصرية الجزيرتين.
والأهم أن يتابع الرأي العام الحوار بين طرفي الخلاف، وأن يطلع على المبررات التي قدمها أصحاب كل رأي، ويختار الرأي الصائب عن اقتناع كامل، بدلا من الاندفاع العاطفي الذي لا يقود إلى اتخاذ مواقف تتسم بالحكمة، ولو أن المعلومات التي قدمتها الحكومة كانت كافية لما تمكن أعداء الوطن من ركوب موجة الجماهير الغاضبة، ودعوتها إلى زعزعة الاستقرار، وتشكيكها في قيادتها الوطنية.
ويحسب للذين اندفعوا في الإسراع باثارة القضية الخلافية أنهم منحوا النظام القطري قبلة الحياة بتشويه صورة ما يجري في مصر ومحاولة الهروب من آثار الإدانة العربية والعالمية التي حملت قطر مسئولية الإرهاب.
ومن يتابع قناة «الجزيرة» خلال الأيام الماضية يلمس بوضوح سعيها للصعيد في المياه العكرة.. والسعي لإشعال الفتنة بين المصريين وقيادتهم، والحل يكمن في أن تقدر المملكة السعودية خطورة الموقف الذي يقود إلى حالة الانقسام في الشارع المصري، وتبادر بتأجيل القضية، حتى يقول القضاء كلمته، أو أن يتم إجراء استفتاء شعبي، أو حتى أن تصعد للتحكيم الدولي.. ليقول كلمته الحاسمة خاصة أن السعودية صبرت على إثارتها خلال حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، والأجدي أن تقدر صعوبة الموقف الذي يواجهه الرئيس عبد الفتاح السيسي.
«كفاية ضغوط»