رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. «مائدة المحبة» لإفطار الصائمين تحت رعاية مسيحية

فيتو

كل الأديان السماوية اجتمعت على أرضها، فتن وضلالات وتضليل ولا زال شعبها بخير، إنها مصر المحفوظة من رب السماوات، وبكرم أهلها المعهود.. والمثل المصري يقول "الكرم مبيخربش بيوت"، وتعد "مائدة المحبة" في شارع شهاب بالمهندسين خير دليل على شخصية مصر وكرمها القائم في العروق دونما تمييز بين الأديان.


"إحنا بقالنا 15 سنة بنعمل المائدة دي هنا بجهودنا الذاتية وبنحس بمتعة لما بنشوف الناس بتاكل ومبسوطة" تلك الكمات كانت لـ"فؤاد"، قبطي، مدير محل "أمير للمجوهرات" وخالد المسلم مدير محل "فؤاد للمجوهرات"، فخالد ومراد يتنافسان في عملهما وتجارتهما، يختلفان في الدين، ولكن يجمعهما حب الخير والمحبة والجيرة والوحدة التي يعيشانها جنبًا إلى جنب، يجمعهما الكرم الموروث في دمائهما المروية معًا من مياه واحدة.

هنا كل فرد يقدم ما يستطيع تقديمه، بين مُقدم المال والقائم بأعمال المطبخ والمشرف على التوزيع يطلب كل منهم الأجر والثواب، وليس غريبًا أن نجد المسلمين طالبين للثواب ولكن الغريب أن المسيحيين هم أيضا بهذا العمل طالبين للثواب، وهذا يطرح بابًا جديدا لمعنى "الثواب"، فالديانات كافة أوصت ونهت الإنسان واعدةً إياه بالثواب وناهيةً بالعقاب، ولكن البشر تلاعبوا بتلك المفاهيم وتاجروا فيها، فالثواب لا يكون فقط على ابن الديانة التي ينتمي إليها فاعل الخير وإنما للناس كافة.

فبينما القرآن يأمر "وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، ينهى الإنجيل بقوله "لاَ تَمْنَعِ الْخَيْرَ عَنْ أَهْلِهِ حِينَ يَكُونُ فِي طَاقَةِ يَدِكَ أَنْ تَفْعَلَهُ"، ولأن منبع الخير واحد يكمل كل منهما الآخر في حث الناس على فعل الخير، وهذا ما يتم على أرض الواقع في "مائدة المحبة" منذ 15 عامًا، يجتمع المسيحيون والمسلمون ليقدما الخير للناس، ويتعبون من أجل أن يروا ابتسامة رضا على وجوههم، وقت الإفطار.

"الناس اللي بتيجي هنا تقريبا هي هي كل يوم، منهم أسر كاملة وواحد وعياله وعمال النظافة في الشارع، ولو في حد معدي في الشارع بيقعد ياكل معانا" بهذه العبارة وصف "مراد" ضيوف مائدة المحبة الدائمين، وعن أنواع الأكل المُقدم لهم قال "خالد" الذي يقوم بالطبخ للصائمين يوميًا "كل يوم بنعمل فراخ عشان نعرف نوزعها بالتساوي، عشان اللحمة مبنعرفش نوزعها ومش عاوزين نظلم حد" وجدير بالذكر أن خالد أو مراد لا يعرفون عن الطبخ سوى خبرة خمسة عشر عامًا رمضانيًا قضوها معًا في الطبخ لمائدة المحبة.

"متصوروش الناس وهي بتاكل، مش عاوزين نجرح في مشاعر الناس" بهذه العبارة وقف عامل مسيحي ممن يشرفون على "مائدة المحبة" موجهًا الحديث لـ«فيتو» أثناء تصوير المائدة، فهم لا يقدمون الأكل منًا في مائدة المحبة بل يقدمونه محبةً وحبًا، "مبحبش أظهر في الميديا عشان الثواب ميروحش ودي حاجة لله" تلك الكلمات لـ "أمير رزق" الجواهرجي المسيحي صاحب الفضل الأول لمائدة المحبة منذ خمسة عشر عامًا.
الجريدة الرسمية