رئيس التحرير
عصام كامل

خطأ طبي ينهي حياة «فتى الخير» في الشهر الكريم

محمود رمضان
محمود رمضان

أحب الحياة كلما استطاع إلى ذلك سبيلًا، ولحب الحياة سبل عديدة، اختار من بينها ما يتمكن خلاله من رؤية ابتسامة رضا تنعكس على أعين من بث في نفوسهم الأمل من جديد بعد أن كان على وشك الانقطاع، قدم تسارع للخيرات، ونفس تواقة للعمل التطوعي ومساعدة المحتاجين، فهي لا تجد طريقها إلا من خلال بسمة على وجه فقير، أو دفء يحيط بجسد كان يرتجف في عراء الشتاء دون كساء.


"محمود رمضان" الشاب العشريني، الذي فشل في الحصول على وظيفة بشهادته، عشق العمل التطوعي وأطلق مع مجموعة من الشباب جمعية خيرية في منطقة المعادي تعرف بـ"معادينز"، منذ خمس سنوات، لتكون نقطة انطلاقه للمشاركة في المبادرات الخيرية من جمعيات إفطار صائم والسفر لقرى الصعيد النائية لتوزيع البطاطين والأغذية على المحتاجين، إلى جانب حبه لرياضة السباحة والسفر خارج وداخل البلاد كلما أمكن ذلك.

منذ أن اختطف الموت أمه وأولاد إخوته في حادث سيارة منذ عامين، لم يكن يعلم أنها بداية النهاية بالنسبة له، وكأن رائحة الموت التي ملأت صدره ظلت عالقة به طوال العامين يصارعها بالعمل والنشاط، وتغالبه بأنيابها الحادة، التي لم تهدأ حتى جعلته يلحق بأمه وأولاد إخوته، الجمعة الماضية إثر خطأ طبي فادح، أودى بحياته.
"الجمعة اللي فاتت الساعة 12 الظهر دخل المستشفى علشان يفك مسمار من رجله بسبب الحادثة اللي حصلتله من سنتين واتوفت فيها والدته، وبسبب إهمال الدكاترة أخد أمبولات بالخطأ، فسببتله أزمات قلبية متتالية، ومات إكلينيكيًا بسبب توقف جذع المخ، بعدها قالنا الدكتور توقعوا وفاته في أي وقت"، هكذا يتحدث محمد، صديق محمود رمضان، عن وفاة صديقه التي لم يتوقعها أحد، خاصة أنها كانت العملية التاسعة له منذ الحادث، مما اضطرهم لنقله لمستشفى أخرى، لفظ فيها أنفاسه الأخيرة.

لكن الأمر كان يختلف بالنسبة لمحمود، ففي آخر أيامه بدأ يشعر باقتراب النهاية، واشتاق لمن واراهم التراب، وأحس أنها ستكون آخر عملية في حياته، وبسبب غياب الضمير المهني، تكتب خاتمة حياة محمود رمضان المفعمة بالخير، في أيام نودع فيها شهر الخير، ليكون له ولاسمه وصفته نصيب في كتابة السطور الأخيرة من حياته.
الجريدة الرسمية