طريقة صنع الكعك عند الفراعنة والاحتفال بالأعياد
قال علي أبو دشيش، خبير الآثار المصرية، وعضو اتحاد الأثريين المصريين، إن المؤرخ اليوناني هيرودوت أكد أن المصريين سبقوا شعوب العالم في الاحتفال بالأعياد، وعنهم أخذ اليونان هذا الاحتفال.
وأكد أبو دشيش، أن السنة المصرية القديمة تضمنت العديد من الأعياد وكانت تسجل الأعياد بالأسماء ويسجل أيضا الاحتفالات الخاصة بهم وكانت الاعياد تجمع المصريين ليدل على مدى الترابط وكان المصري القديم عاشقًا للطبيعة وللألوان فاستخدم كل شيء ليكون جميلا واهتم المصري القديم بالاحتفالات والأعياد وكان من أول شعوب العالم احتفالا بهم.
وأضاف أبو دشيش: كانت الأعياد كثيرة جدا وتصنف إلى "أعياد السماء" وهي التي تضم التقويم الفلكي والتقويم القمري "أعياد دنيوية أو حياتية" وتضم الأعياد الرسمية والمحلية والدينية والزراعية والجنائزية وأثناء تلك الأعياد كانت ترتل الاناشيد وتزين المعابد وتقدم القرابين ومن أهم هذه الطقوس هو رؤية تمثال الإله التي كانت تخرج من المقصورة ثم تنقل إلى مكان ظاهر بعد أن تزين بالتمائم وقلائد الذهب وتوضع في قارب حيث كانت السفن هي وسيلة النقل لديهم وكانت توضع أمام الإله أعلام مزينة بصور الهية.
وتابع أبو دشيش: كان من أكثر فصول السنة التي تقام فيه الأعياد والاحتفالات الدينية والشعبية هو(فصل أخت ويعنى الفيضان)، وكانت الأعياد في مصر القديمة تجمع بين جميع المناسبات بالمجتمع بشكل متطور جدا واستخدم المصري القديم كلمة (حب) للتعبير عن العيد (حب نفر) تعني عيد سعيد كما كانت تسجل داخل المعابد المصرية في صالات الاحتفالات أو تكتب على أوراق البردي وتوضع في مكتبة المعبد مثل قوائم الأعياد المسجلة في معبد رمسيس الثالث.
وأوضح أبو دشيش، أن الاحتفال بالعيد خلال الدولة القديمة اتخذ مظهرًا دينيًا فكانت مظاهر الاحتفال تبدأ بذبح الذبائح وتقديمها قرابين للإله وتوزيعها على الفقراء، والبعض منها يقدم إلى الكهنة لتوزيعها أيضا وكانوا يذهبون إلى الحدائق والمتنزهات والحقول ويستمتعون بجمال الطبيعة وخاصة في أيام النسئ (الأيام الخمسة المنسية) في العام وكان سعف النخيل من النباتات المميزة للأعياد وخاصة رأس السنة حيث كان سعف النخيل الأخضر يرمز إلى بداية العام لكونه يعبر عن الحياة المتجددة كما أنه يخرج من قلب الشجرة فكانوا يتبركون به ويصنعون ضفائر الزينة ويعلقونها على أبواب المنازل ويوزعون ثماره الجافة كصدقة على أرواح موتاهم، وما زالت تلك العادات القديمة من مورثونا حتى يومنا هذا وكانوا يصنعون من سعف النخيل أنواعًا مختلفة من التمائم والمعلقات التي يحملها الناس في العيد على صدورهم وحول أعناقهم، كرمز لتجديد الحياة ولحفظهم من العين الشريرة، وكان الشباب يحملون سعف النخيل في رقصاتهم الجنائزية ورقصاتهم الشعبية الجماعية.
واستطرد أبو دشيش: من أقدم العادات والتقاليد التي ظهرت مع الاحتفال بالأعياد وخاصة عيد رأس السنة صناعة الكعك والفطائر وانتقلت بدورها من عيد رأس السنة لتكون سمة من سمات الأعياد التي جعل لكل منها نوع خاص به وكانت الفطائر مع بداية ظهورها في الأعياد تزين بالنقوش والتعاويذ الدينية، وقد أتخذ عيد رأس السنة في الدولة الحديثة طابعًا دنيويًا، وخرج من بين الأعياد الدينية العديدة ليتحول إلى عيد شعبي له أفراحه بهجته الخاصة وكانت طريقة احتفال المصريين به تبدأ بعمل الكعك في الأعياد ولو نظرنا إلى كلمة كحك هي كلمة مصرية قديمة.. ومنها جاءت كلمة " كعك " العربية Cake الإنجليزية.
وأشار أبو دشيش، إلى أن الكعك في الأعياد من عاداتنا الجميلة ومن ميراث أجدادنا فارتبطت الأعياد بعمل الفطائر الكعك بل وتعتبر أهم سمة لدينا حتى الآن من سمات عيد الفطر المبارك، وترجع هذه العادة المصرية التي صنعها المصريين قديما منذ العصور الفرعونية القديمة وسميت بالقرص؛ لأنها مرتبطة في عقيدتهم بقرص الشمس والتي كانت من مظاهر الكون المقدسة في مصر القديمة حيث نجد الكعك يأخذ الشكل المستدير الكامل ويزين بخطوط مستقيمة مثل أشعة الشمس الذهبية ومن هنا كانت فلسفة القرص المستدير.
وكانت النسوة في مصر القديمة يصنعون الكعك ويقومون بإهدائه إلى المعابد حيث ألهتهم وإلى الكهنة الذين يقومون بحراسة هرم الملك خوفو وخاصة في يوم تعامد الشمس على حجرته وسجلت هذه النقوش على مقبرة الوزير رخميرع في الأقصر خلال الأسرة الثامنة عشر والتي تشرح نموذجا جميلا لصناعة الكعك حيث إن النسوة يقومون بإحضار عسل النحل الصافي ويضاف مع السمن ويضعونه على النار ثم يضاف إليه بعض الدقيق ويقلب على النار حتى يتحول إلى عجينة يمكن تشكيلها بأي شكل ثم بعد ذلك يحشونه بالعجوة وبعد الانتهاء يتم تزيينه ببعض الفواكه.
وهناك بعض النقوش التي سجلت تلك القرابين التي كانت تحتوي في مضمونها على العيش والقرص والكعك والغريبة التي يتم صناعتها الآن لتكون من مظاهر الفرحة على المصريين بقدوم العيد وتنتشر هذه العادة بصفة أكثر في الريف المصري ويتم أيضًا توزيع القرص والكعك على روح المتوفى وسجل على مقبرة رمسيس الثالث بمدينة هابو نقوش توضح هذه الاحتفالات بما يسمى بكعك العيد حاليا.