ناقصات عقل ودين
بالأمس بينما كنت أجلس بالمترو، دخلت علينا سيدة عجوز وفتاة شابة، كانت المرأة العجوز إلى الشيب أكبر بينما كانت الفتاة إلى الملاحة والصبابة والشقاوة أشد، وقفت كل منهما تتأفف من شدة الحر، وصعوبة الجو، فهم أحد الشباب بالقيام لتجلس إحدى السيدتين، وهنا ظهرت أخلاق النساء.
جلست الفتاة الشابة في المقعد المخصص لأربعة أفراد وسط ثلاثة رجال، ويبدو أنها لم تكترث لذلك إذ انحشرت بينهم، بينما فضلت المرأة العجوز الوقوف وعدم الانحشار وسط الرجال، وما هي إلا لحظات، وبدأت المناوشات بين العجوز والفتاة، بأن احتكت قدم الفتاة بالسيدة ويبدو أنها لم تقصد ذلك، لكن السيدة العجوز لم تتقبل ذلك وراحت تتأفف، وتتعجب!
لحظات ومن شدة الزحام كادت السيدة العجوز أن تقع فقام أحد الثلاثة رجال ليجلسها، لكن يبدو أن الفتاة الشابة لم تنتبه لهذا فاستحوذت على المقعد بأشيائها، فما كان من السيدة العجوز إلا أن انفجرت غضبا في الفتاة وقامت بإلقاء أشيائها على الأرض وكاد يحدث صدام بينهما، غير أنه سرعان ما تدخل الجالسون في العربة، وأدرك الاثنان أن محطتيهما قد اقتربتا، ومع وقوف المترو في أول محطة نزلت الفتاة الشابة بأشيائها بينما أخذت العجوز تتمتم بما يشي بانعدام الأخلاق وقلة التربية، وما هي إلا لحظات حتى كانت هي الأخرى خارج العربة بينما كان تعليق أحد الحاضرين من الرجال: «ناقصات عقل ودين!»
هنا انبرى أحد الشباب مدافعا عن السيدات: كيف يكون النساء ناقصات عقل ودين، وقد قبل الله شهادتهن ومعلوم أن ناقص العقل لا تقبل شهادته، كما أن الله سبحانه وتعالى قد استمع لشكوى امرأة تجادل في زوجها وتشتكي إلى الله، كما أنه سبحانه وتعالى أباح وشرع للنساء ما لم يبحه ويشرعه للرجل من عدم قضاء الصلاة في أيام الحيض، والتخلف عن الصلوات وعن الغزو والجهاد كما شرع لهن أحكامًا خاصة بهن لا يدانيها فيها الرجال، كما أخذ ونبينا صلى الله عليه وسلم بنصيحة زوجته أم سلمة في صلح الحديبية، وأوصى بهن في آخر خطبة «خطبة الوداع» وبعد كل هذا يقال ناقصات عقل ودين؟!