سياسة شريفة
من المؤكد أن حكم التاريخ سيكون أكثر قسوة من حملات التخوين الدائرة حاليا بين مؤيدى ومعارضي ملف جزيرتي تيران وصنافير، وأن التاريخ سيتوقف كثيرا أمام اللحظة التي أعلن فيها الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب وهو في كامل عصبيته وغضبه وانفعاله وتوتره من نواب المعارضة عن موافقة المجلس بالأغلبية عن التنازل عن الجزيرتين، ومن الطبيعي أن يتوقف التاريخ أمام تصريحات رئيس المجلس خلال مناقشة الاتفاقية التي أكد فيها أن أحكام القضاء التي تعرضت للاتفاقية هي والعدم سواء، فمثل هذه التصريحات لا يحكم التاريخ فيها على شخص ولكن يحكم على نظام كامل، وأن يوما ما قريب سيتم ترديد ما دار في كواليس هذه الأزمة، وسيعيد الحق لأصحابه سواء معارضة أو الحكومة.
حتى التاريخ سيذكر عضو مجلس النواب الذي وقف في وسط المجلس وهو يهتف منفردا سعودية سعودية، وسيظل تصرفه هذا في ميزان التاريخ حاضرا وشاهدا على أولاده وأحفاده، ولن ينسى التاريخ تقييم السياسة الشريفة التي انتهجتها الحكومة في هذه الأزمة، وهل جميع الملفات التي أدارتها الحكومة خلال هذه الفترة اتبعت فيها مبدأ السياسة الشريفة أم أن ملف الجزيرتين كان له وضع خاص؟
عندي قناعة كاملة أن هناك الكثير من الأزمات الداخلية لا تقل أهمية عن أزمة تيران وصنافير، وأنه لو تعامل مجلس النواب معها بهذه الأهمية والقوة و"الإنجاز" والسرعة والحماس والحرص على مصلحة الوطن كما تم التعامل مع تيران وصنافير لتم حلها فورا، وأنه لو تعامل معها رئيس المجلس بكل هذا الجهد والعصبية والحماس والإخلاص لكان لها وضع آخر تماما، وأنه لو صرخ عضو مجلس النواب الذي وقف يهتف بسعودية الجزيرتين معترضا على أداء الحكومة في أحد الملفات لكان هناك كلام آخر يقال، ولو حرص أعضاء مجلس النواب على الحضور في الملفات المختلفة ومواجهة الحكومة كما حرصوا على الحضور عند مناقشة إعادة ترسيم الحدود مع السعودية لتغيرت أمور كثيرة..
يتصدر هذه الأزمات الأداء المتواضع لعدد كبير من الوزراء الذين لم يقدموا شيء للمواطن حتى الآن سوى مزيدا من الأزمات وزيادة المشكلات التي يواجهها، أيضا ملف ارتفاع الأسعار وفشل الحكومة في مواجهته وعدم القدرة على وضع حد له والانحياز للتجار ضد المواطن، أيضا زيادة أسعار الخدمات الحكومية بشكل مبالغ فيه مثل تراخيص السيارات وتصاريح العمل وجواز السفر وغيرها من الخدمات التي يكون الأصل فيها التسهيل على المواطن.
ملف توفير فرص عمل للشباب يجب أن يكون في مقدمة أولويات الحكومة، وزيادة أسعار الطاقة المنتظرة وغيرها من الملفات التي تمس حياة المواطن فهذه الملفات أيضا تحتاج سياسة شريفة في التعامل.