رئيس التحرير
عصام كامل

الشعراوي سياسي من نوع مختلف.. إمام الدعاة كشف الفساد خلال توليه وزارة الأوقاف.. الخواطر الإيمانية تثير غضب الإسرائيليين.. واعتزل السياسة مؤكدا: «ربنا رحمني من القرف»

الشيخ محمد متولي
الشيخ محمد متولي الشعراوي

«أتمني أن يصل الدين إلى أهل السياسة ولا يصل أهل الدين للسياسة»، بتلك الحكمة سار الشيخ محمد متولي الشعراوي في التعامل مع السياسة، واستطاع أن يضرب مثلا بأفضل تعامل ديني مع تلك المهنة، ويثبت للجميع أن خلط الدين بالسياسة لا يفسد السياسة ولكنه يصلح حالها، وفي ذكرى وفاة زعيم دولة التفسير عن عمر يناهز 87 عاما، نرصد مواقف الشعراوي من السياسة.


فصل الدين عن السياسة
وفي تعليق للشعراوي عن دعاوى فصل الدين عن السياسة، قال: « يقولون: لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة، وهذا قول باطل وغير صحيح، والذين فعلوا ذلك يريدون أنْ يجعلوا لأنفسهم سلطة زمنية تخضع لأهوائهم ليفعلوا ما يريدون، لقد تعمدوا عدم الارتباط بمنهج السماء في إدارة شئون الأرض، لأن منهج السماء يقيد حركتهم، ونسُوا أنه أيضًا يقيد حركة المحكومين لمصالحهم".

وأضاف: "منهج الله شمل الحياة كلها، من قمة لا إله إلا الله إلى إماطة الأذى عن الطريق، ولو كان الأمر كما يقولون أنترك القاتل فلا يُقتل، ونترك الزاني فلا نقيم عليه الحد، ونترك شارب الخمر، ونترك المفسدين يفسدون، ونترك الناس لا يتناهون عن منكر فعلوه؟".

وتابع: "ماذا يريدون من تعطيل شرع الله وعزله عن حركة الحياة، الحق سبحانه جعل العبادة لصالح الخلق، تنظم حركة حياتهم وتسعدهم".

وقال:دائمًا في هذه المسألة نذكر الحديث القدسى: "يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في مُلكى شيئًا، ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا".

وأضاف: "فكيف نُقصي دين الله عن حركة حياتنا، وقد تدخل في أبسط الأمور، فدخل رجل عاص الجنة لأنه سقى كلبًا، ودخلتْ امرأة النار في هرة حبستها، فما بالك بالإنسان الذي كرَّمه الله، أنهتم بسياسة الكلاب ونترك سياسة البشر؟".

شاهد.. حكاية 6 فنانين مع «الشعراوي»

وزير الأوقاف
يذكر التاريخ أن الشعراوي دخل قلب السياسة، عندما تولى منصب وزارة الأوقاف، وشغله ذلك كداعية عن الناس، وبالرغم من أنه ندم على قبوله المنصب، إلا أنه لم يندم على التجربة، لأنه استطاع من خلالها تحقيق الكثير، يكفي أنه أوقف "توفيق عويضة" سكرتير المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، الذي شكاه ثلاثة وزراء أوقاف متعاقبين لسوء تصرفاته المالية، ولكن لم يستطيعوا فعل شيء له، حتى جاء الشعراوى وفجر قضية نفوذ هذا الرجل في استجواب قدمه بشأنه في مجلس الشعب، واستطاع إسقاط قلعة من قلاع الفساد بذلك.

وكان وزيرًا ذا طابع خاص، يرفض العمل السياسي رغم أنه في منصب سياسي وظل داعية محتفظًا بتواصله مع الناس، ولم يغير من عاداته شيئًا، حتى أنه استمر في مسكنه المتواضع جدًا في المساكن الشعبية المجاورة لمسجد الحسين.

شاهد.. فتاوى الشيخ الشعراوي عن كفارة الإفطار وموائد الرحمن

القضية الفلسطينية
ورغم أنه ترك الوزارة غير آسف، إلا أن السياسة ظلت تطارده، ففي خواطره الإيمانية تناول الآيات التي تحدثت عن اليهود فاضحا غشهم وغدرهم للفلسطينيين، مما جعل السفارة الإسرائيلية بالقاهرة تحتج، وتطالب بوقف بث حلقاته في التليفزيون، بل وصل الأمر إلى أبعد من ذلك فحينما شكا مناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل من جريدة اللواء الإسلامى، منعت الحكومة الإسرائيلية هذه الجريدة من الدخول لأراضيها، وصادرت كل أعدادها التي تحدثت عن اليهود.

مجلس الشورى
ورغم تحقيقه نجاحات كثيرة بتوليه وزارة الأوقاف، عندما أصدر الرئيس الراحل أنور السادات قرارا بتعيينه عضوا في مجلس الشورى، لم يذهب إلى المجلس ولم يحلف اليمين، ولذلك لم يسجل اسمه كعضو في المجلس، لأن العضو لا يصير عضوا بمجرد صدور القرار ولكن بعد حلف اليمين.

شاهد.. الشيخ الشعراوي يدلنا على أفضل الطرق لاستقبال رمضان

انفصاله عن العمل السياسي
في سنة 1997 أجرت مجلة «أكتوبر» حوارا مع الشيخ، سألته عن علاقته بالسياسة في عهد الملك فاروق وعبد الناصر والسادات ومبارك، وكيف يرى كل عصر منها؟.. فأجاب باقتضاب: "ماذا يقدم رأيى أو يؤخر"، ولما ألححت عليه وقلت له: يهمنا أن نعرف رأيك، قال: "أنا كنت طالبًا، وكنت رئيس اتحاد طلاب جامعة الأزهر، ولما جيت القاهرة في كلية اللغة العربية بقيت رئيس اتحاد طلاب الأزهر، ودخلت الحركة السياسية، وكان كل شعرى في السياسة".

وصرح الشيخ الشعراوى لحظتها وقال: "الحمد لله لو بقيت في السياسة كنت سأبقى في حمقة السياسة لما أموت، ولكن ربنا جاب لى فرصة أتفرغ له على السجادة، وأصلي، وأقرأ القرآن. من رحمة الله علىّ أن بعث لى بعثة السعودية سنة 1952 حتى سنة 1963 حتى استقلت الجزائر فذهبت إلى الجزائر رئيسًا للبعثة التعليمية هناك، إلى أن جاء الرئيس السادات، فعدت إلى السعودية، وطول عمرى قاعد هناك، ربنا رحمنى من القرف.
الجريدة الرسمية