رئيس التحرير
عصام كامل

«عميد كلية الدراسات الإسلامية»: فروض الكفاية أهم من الصلاة والصوم

فيتو

في الوقت الذي يتسابق فيه ملايين المسلمين لفعل الخير من مساعدة الغير، وإفطار الصائم، وإخراج الزكاة في شهر رمضان الكريم، يغفل الكثيرون أمرًا إذا طبقه فرد واحد يزيل الحرج عن الكل، ألا وهو «فرض الكفاية» الذي بدونه لا ترجح كفة الخير.. هذا ما أكده الدكتور محمد عبدالعاطى، عميد كلية الدراسات الإسلامية بالقليوبية، جامعة الأزهر، والذي عددّ في حوار لـ«فيتو» صور فرض الكفاية، وحددّ المطالبين بتأديته، كما كشف عن مردود ذلك على الإنسان بشكل خاص والمجتمع ككل، وإلى التفاصيل:


> بداية.. حدثنا عن معنى فرض الكفاية؟
فرض الكفاية هو الفرض الذي إذا قام به فرد واحد كفى عن الآخرين وسد عنهم، ولكن إذا لم يقم به أحد أثموا جميعا، وهو يختلف عن فرض العين اللازم على كل فرد أن يقوم به بنفسه كالصلاة والصيام والزكاة، كما أنه الذي طلبه الشرع من مجموع المكلفين، ولم يطلبه من كل واحد منهم، فإن قام العدد الذي يكفي سقط عن الباقين، مثل الجهاد في سبيل الله لدعوة الكفار إلى الإسلام، وتبليغهم دعوة الحق، فإذا قام به من يكفي سقط عن الآخرين.

> وما صوره؟
بناء مدرسة ومستشفى وإصلاح الطرق، وإدخال الماء للمنازل، والجهاد في سبيل الله، وصـلاة العيدين وصلاة الكسوف وصلاة الجنائز والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر كل ذلك من صور الفروض الكفاية، نظرا لقوله تعالى: «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر»، لأنه لا يجب على الكل فعل ذلك، وآيضًا ردُّ السّلام٬ فمن دخل على جماعة من المُسلمين وسلّم عليهم، فالواجب على أحد المُسلمين أن يرُدَّ السلام.

> وماذا عن أهمية تطبيقه؟
الشرع شدد على ضرورة تطبيقه نيابة عن الكل، فمثلا إذا قام في كل منطقة أو دولة مجموعة من المسلمين، وأقاموا شعائر صلاة العيد أو صلاة الاستسقاء أو غيرها فإن من قام بها يأخذ ثوابها ومن لم يفعلها لا يستحق إثمها أو ذنب تركها، وإذا لم يقم به أي فرد من أفراد المكلفين؛ أثموا جميعًا بإهمال هذا الواجب، فالمقصود من فرض الكفاية هو إقامة الفعل واقعًا، بقطع النظر عن فاعله، فمقصود الشارع منه إيجاد الفعل دون تعيين للمنشئ لذلك الفعل، مثل: غسل الميت والصلاة عليه، وإنجاء الغريق، وفضّ الخصومات بين الناس، وإقامة العدل بتولية الولاة القادرين، وغيرها من فروض الكفاية الأخرى، ومن المفترض أن يتم التنسيق بين أفراد المجتمع حتى يكفلوا بذلك إقامة الواجبات الكفائية وتطبيقها، لأن التراخى في إقامة هذه الفرائض سيعود أثره على الجميع، وسيتحمل كافة المكلفين من أفراد الأمة مسئولية التقصير في أدائها.

> متى تسقط فروض الكفاية؟
فروض الكفاية هذه لا تسقط عن الأمة إلا في حالة القيام بها من قبل أحد الأفراد، وبذلك رفع الحرج عن مجموع الأمة من ناحية، فينال بذلك أجرًا عظيمًا عند الله؛ ومن ناحية أخرى يعمل على بناء المجتمع وتعاونه وتكافله وسد حاجاته، فيعود التطبيق على المجتمع بالخير.

> وهل يندرج إطعام الفقراء والمساكين ضمن فروض الكفاية؟
قد يكون فرض عين من أموال الزكاة، وقد يكون فرض كفاية كالتطوع، فمن يبتغى إخراج أموال زائدة لإطعام الفقراء فينال أجرًا عظيمًا، ويشترط ذلك بعد أن يخرج المال المحدد للزكاة.

> ومتى يصبح الجهاد فرض كفاية؟
قد يكون فرض عين أو كفاية، فإذا دخل العدو لاحتلال الوطن أو البيت، وجب علينا أن نقوم لجهاد الدفع لأن المتقاعس عن الجهاد هنا آثم، أما في حالة إذا كان للدولة جيش فيختص بالدفاع عن الوطن دون تدخل المدنيين.

> وهل يعتبر التبرع لصالح مرضى السرطان والقلب فرض كفاية؟
قد يكون فرض عين عن طريق إخراجه من أموال الزكاة، أو كفاية من خلال التبرع لصالح المرضى.

> ومن المطالبون بفرض الكفاية؟
هو فرض على كل مسلم، فإذا قام به شخص أجزئ عنه، وإذا قام به نيابة عن الكل أزال الإثم عنهم، فالمطلوب من كل مسلم القيام بكل أمر يكفى عن الآخرين.

> وآخيرًا.. ما مردود ذلك على المجتمع؟
في الحقيقة فرض الكفاية أهم من العينى، لأنه يبنى المجتمع ويعمره، ويساعد المحتاجين ويدعم كل صاحب حاجة، كتوفير السكن لمن لا سكن له، وإماطة الأذى عن الطريق، الاهتمام باليتامى والمساكين، دفع الضرر، تزويج غير القادرين، كما أن تفعيل دور فروض الكفاية في كل مجالات الحياة له أثره الفعال في بناء المجتمع؛ فحينما نعد العلماء المتخصصين؛ والأطباء والمهندسين والمعلمين وأصحاب المهن والحرف والصناعات وغيرها من المجالات؛ فإننا بذلك نقيم مجتمعا متوازنًا متكافلًا متكافئًا متعاونًا كما ينشده الإسلام.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية