رئيس التحرير
عصام كامل

التسول أسلوب حياة


ما من شك أن رمضان شهر الخير والبركة والرحمة والمغفرة والجود والإحسان، وما من شك أن عمل الخير والإنفاق في هذا الشهر الكريم له الكثير من الثواب العظيم عند الله سبحانه وتعالي، وما من شك أن رسولنا الكريم كان في هذا الشهر أجود من الريح المرسلة، وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار..


ولكن هناك بعض الأمور التي تشوب هذا الشهر قد تخرج المرء عن شعوره في هذا الشهر الكريم، خصوصا مشاهد التسول في رمضان وما أكثرها، فبالأمس وأثناء ركوبي المترو صعدت فتاة شابة(آنسة) بحسب قولها، وبيدها طفل صغير قالت إنه ابن شقيقتها التي توفيت رمضان الفائت هي وزوجها في حادث سير وتركت لها هذا الصبي طفل صغير3 أعوام، وأخته ذات الخمسة أعوام، وقالت إن والدتها ووالدها قد توفاهم الله ولا تجد من يحنو عليها إلا "أولاد الحلال" بحسب قولها، وقالت إنها اضطرت للتسول بعد أن حاولت العمل في الكثير من الأعمال إلا أنها تركتها وفضلت التسول بعدما قالت إنها لاتريد أن تغضب الله، وأنها تستنجد بأخوتها لإعانتها على ماهي فيه.. وهي حالة إنسانية تتكرر كثيرا في المواصلات العامة خاصة بعد تنامي ظاهرة "اشتري منديل بجنيه" وهي ظاهرة يتم من خلالها استجداء المواطنين عن طريق شراء "باكو منديل" بجنيه لأختك المريضة، وأخوك الجعان، وللأسرة التي فقدت عائلها ولا معين لها إلا الله بعد حضرتك (المواطن الغلبان طبعا) ودار حديث بين الركاب حول ذلك الأسلوب في التسول فبينما كان البعض يتمتم بعبارات الأسي كان البعض الآخر يتندر على حال الحكومة وأحوالها ومستشهدين بما تفعله علي شاشات التليفزيون من استجداء للمواطنين إما عن طريق التبرعات لإحدي الجمعيات الخيرية أو أحد المستشفيات -وللأسف حكومية- ولا ندري هل رئاسة مجلس الوزراء والحكومة وراء مثل هذه الحملات الدعائية أم لا تعلم عنها شيئا، فإن كانت تعلم وموافقة على مثل هذه الأمور فتلك مصيبة إذ يعني ذلك اعترافها الضمني بفشلها في إدارة أمور البلاد والعباد، وإظهارها بمظهر العاجز عن إدارة شئونها، وإن كانت لا تعلم فالمصيبة أعظم إذ إن هذه الحملات الدعائية صارت حديث الناس في الشوارع والمقاهي والأندية وصارت أسلوب حياة بالنسبة للكثيرين.
الجريدة الرسمية