رئيس التحرير
عصام كامل

رسائل السيسي من برلين: تعزيز الجهد الدولي.. توفير بيئة اقتصادية أكثر عدالة.. تعزيز دور الدول النامية في المؤسسات المالية الدولية.. دعم التصنيع في أفريقيا.. وتجفيف منابع الإرهاب وقطع مصادر تمويله

فيتو

شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم في القمة التي نظمتها الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين للشراكة مع أفريقيا تحت شعار "الاستثمار في مستقبل مشترك"، بحضور رؤساء دول غينيا وغانا ورواندا والسنغال وكوت ديفوار وتونس ومالي والنيجر، فضلًا عن ممثلي منظمات التمويل الدولية والمنظمات الإقليمية والدولية.


الرئاسة الألمانية
وشهدت القمة إطلاق الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين، مبادرة للتعاون مع أفريقيا، وتهدف إلى إنشاء شراكات تجمع ما بين الدول الأفريقية ومؤسسات التمويل الدولية، مثل البنك وصندوق النقد الدوليين وبنك التنمية الإفريقى، بالتعاون مع المؤسسات الأفريقية وبخاصة الاتحاد الإفريقى والنيباد، وذلك خلال الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين والرئاسات المتعاقبة لها.

وتركز المبادرة الألمانية على تحسين بيئة الأعمال والتمويل، وجذب الاستثمارات للأسواق الأفريقية وكيفية حمايتها، وما يرتبط بذلك من موضوعات مكافحة الفساد، والإصلاح الضريبي، وسياسات التوظيف، فضلًا عن سبل دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وأسواق المال، وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

أنجيلا ميركل
وألقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كلمة أكدت فيها أن ألمانيا تعطي أولوية متقدمة للتعاون مع أفريقيا بهدف توفير مزيد من فرص عمل للشباب والمساهمة في دفع عملية التنمية في القارة.

كما ألقى الرئيس الغيني ألفا كوندي رئيس الاتحاد الأفريقي كلمة أكد فيها تطلع أفريقيا لتعزيز التعاون مع ألمانيا خلال المرحلة المقبلة.

وألقى رئيس الوزراء الإيطالي باولو جينتيلوني رئيس الدورة الحالية لمجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، كلمة أشار فيها إلى حرص مجموعة الدول الصناعية السبع على إنجاح المبادرة الألمانية وتوسيعها لتشمل دولًا أخرى، بما يحقق أهدافها في دفع جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية في القارة الأفريقية.

الدول الأفريقية

وألقى كذلك رؤساء الدول الأفريقية المشاركة في القمة كلمات استعرضوا فيها جهود دفع عملية التنمية في بلادهم وتوفير مناخ ملائم لجذب مزيد من الاستثمارات، مؤكدين أن الشراكة بين أفريقيا ومجموعة العشرين توفر فرصًا لتحقيق الاستفادة المشتركة للجانبين.

وألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة حيث أعرب الرئيس عن امتنانه لدعوة مصر، من قِبَل الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين، للمشاركة في هذا الحدث الخاص الذي يبرز الأولوية التي تعطيها ألمانيا للقارة الأفريقية.

وأشاد الرئيس السيسي بالدور الذي تضطلع به ألمانيا في تعزيز جهود إنعاش الاقتصاد العالمي والتحفيز المالي والإصلاح الهيكلى في هذه المرحلة الفارقة، التي تتعاظم فيها العديد من التحديات بشكل غير مسبوق، مع استمرار الصراعات المشتعلة في كثير من أرجاء العالم، وتفشى ظاهرة الفكر المتطرف وتنامي الإرهاب.

الاقتصاد العالمي
وأضاف السيسي: "لقد تزايدت الحاجة الآن، أكثر من أي وقت مضى، لتعزيز الجهد الدولي من أجل رفع كفاءة هياكل الحوكمة الاقتصادية العالمية وتحفيز النمو الاقتصادي، واستحداث الآليات وإيجاد المصادر الجديدة للدفع بالاقتصاد العالمى لدائرة جديدة من التنمية والرخاء، وذلك من خلال توفير بيئة اقتصادية دولية أكثر عدالة، وإدخال الإصلاحات اللازمة للنظام التجاري متعدد الأطراف، وتعزيز دور الدول النامية في المؤسسات المالية الدولية".

وقال: "حرصت مصر، خلال مشاركتها كضيف شرف اجتماعات مجموعة العشرين في عام 2016، على أن تطرح رؤى وطموحات الدول النامية، التي تتأثر بدرجات متفاوتة بالسياسات والإجراءات النابعة من مناقشات دول مجموعة العشرين، في حين أن تلك الدول النامية بعيدة عن نطاق صياغة تلك السياسات، وهو ما يحتم أهمية التوصل إلى آلية سلسة وفعالة لنقل تجارب ومخرجات مجموعة العشرين إلى الدول المهتمة بالاستفادة منها".

المبادرة
وأضاف: "نعول على المبادرة التي أطلقتها الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين للتعاون مع أفريقيا، والتي تقوم على خلق الشراكات مع المؤسسات الدولية بهدف خلق مناخ مواتٍ لجذب الاستثمارات لأفريقيا بشكل مستدام لتحفيز النمو الاقتصادي بها، وتوفير فرص العمل اللائق، ورفع معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما يحقق آمال الشعوب في إيجاد سبل العيش الكريم، ويُحد من تداعيات المشكلات التي تعانى منها القارة".

وأكد السيسي أن مصر تتطلع لأن تمثل المبادرة المقترحة قيمة مضافة تحقق ما سبق أن تضمنته مبادرة مجموعة العشرين بشأن دعم التصنيع في أفريقيا والدول الأقل نموًا، وإقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص في الدول الأفريقية.

روابط تاريخية
وقال: "ستسعى مصر لأن تكون مساهمتها في المبادرة مساهمة بناءة، تعمل على إنجاحها وتحقيق الأهداف المرجوة منها، خاصة في ضوء ما تتمتع به مصر من روابط تاريخية وعلاقات قوية مع الدول الأفريقية، وحرصها على المساهمة في دفع عملية التنمية في القارة بأكملها".

وأضاف السيسي: "اسمحوا لى في هذه المناسبة، أن ألقى الضوء على الجهود التي تقوم بها الحكومة المصرية وفق الإستراتيجية الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة -رؤية مصر 2030- والتي تمثل رؤية ثاقبة نحو المستقبل، تضع مصر ضمن أفضل ثلاثين اقتصادًا عالميًا بحلول عام 2030، وترتكز على نهج متكامل لتحقيق الأولويات الوطنية التنموية، وتعظيم الإمكانيات، والتغلب على المعوقات على أساس علمي لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها مصر، والتي ظهر بعضها نتيجة عملية التحول التي تمر بها بعض دول المنطقة، وبعضها الآخر نتيجة التداعيات السلبية لتباطؤ معدلات النمو العالمية".

وتابع: "وفق هذه المعطيات، قامت مصر بتطبيق برنامج جاد للإصلاح الاقتصادي يرتكز على عدة محاور رئيسية في مجالات السياسات المالية العامة، والسياسات النقدية، والسياسات الاجتماعية، بالإضافة إلى تطبيق حزمة من الإصلاحات الهيكلية لمعالجة الاختلالات البينية في السياسات المالية مع تحقيق معدلات نمو أفضل، وفى مقدمتها تبنى سياسة توسعية تدفع بحزم مالية تحفيزية لرفع كفاءة إنتاجية الاقتصاد".

ضبط الموازنة
وأشار إلى أهمية العمل على ضبط الموازنة العامة للدولة، من خلال خفض الإنفاق الحكومي وترشيد الدعم وزيادة التنافسية، وتوفير بيئة مواتية لجذب الاستثمارات الأجنبية، لاسيما في المجالات الواعدة، وعلى رأسها الطاقة المتجددة، والانخراط في العديد من المشروعات القومية العملاقة، وفى مقدمتها تنمية محور قناة السويس.

وأكد تشجيع دور القطاع الخاص ودعم المشاركة بين القطاعين الخاص والعام من أجل توفير الأدوات التمويلية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وربطها بسلاسل القيمة المضافة عالميًا.

وقال: "كما تعمل مصر على تحقيق العدالة الاجتماعية، ورفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فضلًا عن رفع كفاءة منظومة الحماية الاجتماعية وتطوير شبكات الأمان الاجتماعي لتستوعب الفئات الفقيرة والضعيفة".

التوازن والاستقرار
وأضاف أن العالم يواجه في المرحلة الحالية ظاهرتين تؤثران بشكل كبير على التوازن والاستقرار الدوليين، ومن ثم على تحقيق التنمية في العديد من دول العالم، حيث أصبح الإرهاب ظاهرة عالمية لا تحترم الحدود وخطرًا يهدد الجميع.

وقال السيسي: "علينا أن نعمل سويًا للتعامل الحازم والشامل مع هذا الخطر الذي يهدد السلم والأمن الدوليين، وذلك من خلال تجفيف منابعه، وقطع مصادر تمويله، وإيقاف إمداده بالسلاح والمقاتلين".

الهجرة غير الشرعية

وأكد أن الهجرة غير الشرعية والتي نتجت عن عدم الاستقرار وخاصة في منطقتنا تؤثر بشكل مباشر على كافة المجتمعات، بما يتطلب عملًا دوليًا أكثر تكاتفًا للتعامل مع هذه الظاهرة.

وتابع: "لا شك أن هاتين الظاهرتين تشكلان تحديًا كبيرًا لكافة الدول سواء في إطار سعيها نحو تحقيق الاستقرار والأمن، أو تحقيق التنمية والرخاء والنمو الاقتصادي المستدام لمواطنيها".

ولفت إلى أن التحديات سالفة الذكر تتطلب من مجموعة العشرين العمل عن كثب من أجل وضع تصور مستقبلي لتعزيز التعاون الدولي، بما يحقق التوازن المأمول، بين تكلفة التنمية المستدامة، والعائد منها، وذلك من خلال اتساق الآليات، وتفادي تضارب سياسات الاقتصاد الكلي، والابتعاد عن النهج الانتقائي في التعامل مع مختلف القضايا الدولية، ومراعاة الخصوصية الوطنية، وفى هذا الصدد، نشيد برؤية الرئاسة الألمانية تجاه أفريقيا، وهو ما تبلور اليوم في المبادرة المقترحة للتعاون مع أفريقيا والتي نأمل أن ترى النور في المستقبل القريب.
الجريدة الرسمية