رئيس التحرير
عصام كامل

مستشفى القناطر الخيرية «إهمال عيني عينك».. بلد المتحدث باسم وزارة الصحة بلا خدمات طبية.. مرضى: الأطباء يتعاملون بتعالٍ ونشتري خيوط الجراحة.. وطاقم التمريض مشغول بـ«فيس بوك»

وزارة الصحة
وزارة الصحة

أن تتحمل الجوع من أجل ظروف اقتصادية صعبة فهذا أمر وارد، فكم من الدول تحمل أبناؤها المشاق كي تنهض من كبوتها، وأن تكتفي من الثياب ما يستر جسدك فهذا زهد يجبرك الفقر عليه، ولا ضرر من أي أزمة ما دمت تتمتع بـ«الصحة والستر» كما يقول البسطاء.


لكن أن تفقد الصحة التي تعينك على مشاق الحياة، فهنا لابد أن تقلق وتتساءل: كيف تسير الحياة بمريض لا يجد من يداويه من علته حتى لو كانت بسيطة؟ أما الكارثة الأكبر فهي أن يتعالى عليك من يفترض فيه أنه سبب شفائك، ولسان حاله يقول: «قرفتونا أيها الرعاع»، على الرغم من أنه في ذات اللحظة يسعى لهدم الدولة وحرق البلاد من أجل زيادة «19 جنيها» بدل عدوى، متناسيا آلاف الجنيهات التي يتحصل عليها كل ليلة من قوت البسطاء في عيادته الخاصة.

بلا إمكانيات
ما سبق يصف حال أهالي مدينة القناطر الخيرية والقرى التابعة لها في محافظة القليوبية، الذين تضطرهم ظروفهم إلى اللجوء إلى المستشفى الموجود بالمدينة، طلبا لعلاج ألم لم تفلح الوصفات المنزلية في علاجه، فمنذ اللحظة الأولى التي تطأ فيها قدمك أرض المستشفى تستقبلك وجوه متجهمة تشعر أنها تطردك من المستشفى وإن لم تتلفظ الألسنة بذلك، وإن كانت هذه أمور لا يلقى لها البسطاء بالا لأنهم لا يملكون ترف البحث عن ابتسامات دبلوماسية مصطنعة، فألم المرض يجبر على تحمل أي شيء.


بالطبع لم يشكُ أبناء المدينة التي من المفترض أنها سياحية من غلظة تعامل الأطباء والتمريض معهم، وإنما شكواهم الحقيقية من نقص الأدوية والمعدات ففي قسم الاستقبال على سبيل المثال إذا كنت تعاني من جرح يحتاج إلى خياطة، فأول شيء سيطلبه منك مسئولو القسم هو أن تشترى خيوطا جراحية لأن المستشفى العامر لا توجد به خيوط جراحة.

وفي هذا السياق، قال المواطن «أ. ع»: «أصيبت زوجتي بجرح عميق في كف يدها ولم تفلح محاولات عديدة في وقف النزيف بالمنزل، فاضطررت إلى اصطحابها إلى مستشفى القناطر الخيرية في محاولة لوقف النزيف وعلاج الجرح، وفي قسم الاستقبال استقبلتنا طبيبة تدعى نرمين ببرود وتثاقل شديدين، وقالت: «الجرح يحتاج إلى خياطة».

طبيبة متعالية

وأضاف: «أخرجت الطبيبة ورقة وطلبت مني شراء الخيوط الجراحية من صيدلية مجاورة للمستشفى، وعندما أحضرت الخيوط، فوجئت بها تركت زوجتي مع إحدى الممرضات وأمرتها بأن تخيط لها الجرح، دون أن تكلف نفسها عناء النظر إلى الجرح وتحديد عدد الغرز وعمقها، وانصرفت غير مبالية». وتابع: «كانت الطبيبة متوترة وتتعامل مع المرضى بتعال غريب، وكنت أبرر هذا بأنه ناتج عن السهر، ولكن الكوارث كانت كبيرة، فالطبيبة لم تكلف نفسها أن تطلب من فني الأشعة إجراء أشعة لفتاة دخلت الاستقبال تصرخ من كسر في ذراعها، بينما كانت فني الأشعة منهمكة في متابعة «فيس بوك» على تابلت كان في يدها، بينما المريضة حائرة لا تجد من يغيثها».

وأكمل: «كان كل ما يشغل الطبيبة هو متى تتوقف الحالات عن القدوم إلى قسم الاستقبال، وكانت تسأل الموظف الإداري بغضب شديد (هما مش هيبطلوا ييجوا) تقصد المرضى».

وذكر المواطن: «بعد أن فرغت الممرضة من خياطة الجرح ذهبت إلى الطبيبة لتخبرني عن باقي العلاج، ففوجئت بها تؤكد أنه يجب فك الغرز بعد 48 ساعة، فسألتها 48 ساعة، فأكدت بتعال شديد أيوه 48 ساعة، على الرغم من أن الجرح شديد العمق، فأخذت زوجتي وانصرفت مندهشا من الطب الحديث».

العناية غير مركزة

وأكد الأهالي أن أجهزة قسم العناية المركزة، في حالة يرثى لها، والأطباء لا يحاولون بذل مجهود من أجل التأكد من صحة قراءات ونتائج تلك الأجهزة.

وأوضح أحد المرضى أنه تم توصيله بجهاز قياس النبضات الذي ظل نحو 3 ساعات يعطى نتائج تؤكد أن ضربات قلبه سريعة، ثم اكتشف المسئولون في النهاية أن الجهاز يعطي قراءات خاطئة وطلبوا من المريض الانتقال إلى جهاز آخر.

واشتكى الأهالي من عدم تواجد الأطباء خلال شهر رمضان، وكأن الحوادث والأمراض تتوقف خلال الشهر الكريم، فقرر الأطباء ترك المستشفى خاوية على عروشها، أما طاقم التمريض فإما مصاب باللامبالاة أو منتظر «الحلاوة» على خدمة لم يقدمها للمريض أو أسرته.

وتساءل أهالي مركز ومدينة القناطر الخيرية عن دور وزارة الصحة في الرقابة على المستشفى خاصة أن الوزير أصدر قرارا منذ عدة أشهر بإقالة المدير، وتحسن أداء المستشفى فترة قليلة ثم عاد إلى حالة الترهل مرة أخرى.

وأبدى الأهالي تعجبهم من الإهمال الذي يضرب مستشفى مسقط رأس المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور خالد مجاهد، خاصة أن من تقدم لهم الخدمات الطبية هم جيرانه وبلدياته.
الجريدة الرسمية