الوطنيون الجدد
وقت الأزمات يكثر المتشائمون ومروجو الشائعات ومرددو الإحباط واليأس وناشرو الفتن، ومع وقوع أي أحداث جديدة يحاول هؤلاء أن يؤكدوا أن البلاد تم اختطافها وأن شيئا لم يتغير إلى الأفضل، وأن الأمن في تراجع والاقتصاد إلى الأسوأ وأننا نعيش أسوأ مرحلة تمر بها مصر، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل وصل التراجع والإهمال في نظر هؤلاء لتنازل الحكومة المصرية عن الأرض هكذا يردد من لا يريدون الخير لمصر، ويتصيدون الفرص لبث الفتنة واحتكار الوطنية، وتهييج الرأى العام، هؤلاء يجدون أنفسهم وقت الأزمات تتلاقى المصالح وتتدفق الأموال من كل مكان لغرض واحد فقط هو محاولة دخول مصر مرحلة أزمة جديدة وانقسام الشارع المصرى بين مؤيد ومعارض، وعودة أجواء ما بعد 25 يناير وظهور النشطاء من جديد وعودة الناشطات لوصلات الردح لكل ما يخالف مصالحهم.
هذه الروح والأجواء يحاول أن ينشرها البعض مع مناقشة اللجنة الدستورية بالبرلمان اليوم لاتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، ولم ينتظر هؤلاء رأى الخبراء وفتوى المتخصصين وخبرة العسكريين ومناقشات البرلمان وشهادة شهود العيان، فهؤلاء جميعا باعوا ضمائرهم وتنازلوا عن أرض الوطن دون مقابل، فأراضى مصر كثيرة فالتنازل عن جزيرة أو اثنين أو ثلاث لن يضر في شيء فما زلنا نعيش على 6 % فقط من أراضى مصر وباقى المساحة صحراء، أما الوطنيون الجدد فهم يمتلكون صكوك الوطنية وهم وحدهم الذين يعرفون التاريخ وحدود الجغرافيا وهم وحدهم الذين يعرفون قيمة الأرض، ليس هذا فقط بل إنهم ولدوا على جزيرتى تيران وصنافير ومن يقول عكس ذلك حتى لو كان التاريخ أو الوثائق الدولية أو من خدموا فوق هذه الأرض فلا يهم.
المهم صناعة أزمة جديدة في مصر، ونشر الاضطراب والعمل على وجود مساحة من الخلاف بين الدولة وبعض المواطنين الذين ينساقون خلف الشعارات.
الوطنيون الجدد لا يهمهم تيران وصنافير أو حلاليب وشلاتين أو الضبعة أو حتى برج القاهرة كل ما يهمهم نشر أجواء ما بعد 25 يناير، ونشر رياح التخوين، من المؤكد أن هناك تقصيرا واضحا من الحكومة في نشر معلومات كافية حول اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وتركت المتاجرين والوطنيين الجدد يكسبون أرضا جديدة كل يوم لدى بعض من يفتقدون صحة المعلومة، وتركت كرة النار تكبر مع الأيام حتى جعلت الدولة تقف في موقف المدافع وتترجى المواطنين أن يصدقوا صحة موقفها، وتتوسل إليهم أنها لم ولن تتنازل عن شبر واحد من الأرض، وأن صفحتها بيضاء لم يمسسها سوء، ولكنها تركت الأمر يزداد تعقيدا كل يوم وتسأل نفسها كيف يمكن حل الأمر؟ حتى تحول إلى أزمة كنا في غنى عنها، فمن قاتل ودافع عن الأرض لا يمكن أن يتنازل عن حبة رمل واحدة. انتبهوا جيدا للوطنيين الجدد فهم في انتظار أزمة جديدة.