رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة قطر وافتضاح التحالفات السرية!


فيما يبدو من اتجاه الأحداث في منطقة الخليج ومداها الإقليمي، تركيا وإيران، فإن القادم أسوأ، ومرشح لسلسلة من التعقيدات، قد تصبح بعدها الأزمة بين قطر وشقيقاتها الخليجيات رأس دبوس صغير بالقياس إلى بقعة العنف التي تلوح في الأفق من حول الخليج. وإذا كان لأزمة انفجار الأوراق المغطاة بين الطرفين ميزة أو إيجابية واحدة فهي أن اللعب بات على المكشوف، وانفضحت شبكة التحالفات السرية، والولاءات غير المعلنة.


فقد سارعت إيران على الفور وبعدها تركيا بإعلان استعدادهما لإمداد قطر بكل ما انقطع أو قطع عنها عبر السعودية برا وجوا وعبر الإمارات بحرا وجوا، بل تقوم إيران بحماية قصور العائلة الحاكمة، بل ووافق برلمان أردوغان على تشريع يسمح بإرسال قوات تركية لحماية قطر في قاعدة اتفق على إقامتها قبل ثلاث سنوات. المثير أن التحالف السعودي التركي بدا في أوقات أنه الأقوى، وأن المسافة بين أنقرة وطهران أطول جدا سياسيا ومذهبيا وإستراتيجيا من المسافة بين الرياض وأنقرة، لكن من الواضح أن تركيا باعت السعودية سريعا.

والحق أنه ليس غريبا قط أن تبادر تركيا إلى حماية من يحمي الإخوان والإرهاب، لأن الدولتين قطر وتركيا هما المرضعتان الرسميتان للجماعة الإرهابية وكل من خرج من عباءتها. في الوقت ذاته، فإن مصادر أمريكية ألقت بطوق نجاة من نوع غريب إلى نظام تميم، فقالت إن هناك شكوكا في أن هاكرز روس هم من دسوا على وكالة الأنباء القطرية والتليفزيون القطري القصة التي حملت تصريحات بصوت تميم لم تلبث أن فجرت العلاقة بين قطر والسعودية ومعها كل دول الخليج ومصر، وحطمت الثقة في النظام القطري الأرعن، وخصوصا اعتباره إيران دولة مهمة لايجوز التصعيد معها أبدا، وأنها ليست دولة إرهاب، وأن حماس ليست إرهابية بل الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وأن قاعدة العيديد الأمريكية الجوية درع يحمي قطر من أطماع السعودية!

الأمريكيون يقولون اذن إن القراصنة الروس هم من فجروا منطقة الخليج، ولكن الإعلام الأمريكي لم ينسب للهاكرز الرسمي الروسي هذا الدور، وللمرافقة فإن حرب المعلوماتية المشتعلة حاليا بين أمريكا وروسيا هي مجال مفتوح قد يطيح في نهاية المطاف بفترة الرئاسة الحالية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فاليوم الخميس، سيدلي جيمس كومي مدير المباحث الفيدرالية الأمريكية FBI الذي أقاله ترامب من منصبه، بشهادته الكاملة أمام مجلس الشيوخ، حول تدخل الرئيس ترامب للتأثير عليه في التحقيقات التي سيجريها كومي مع جاريد كوسشنر زوج إيفانكا ابنة ترامب وعلاقته بالحكومة الروسية قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها في واشنطن. وكان كومي صرح سابقا بأن ترامب طلب منه غض الطرف وطي الصفحة بعبارات مبهمة توحي بالمعني ولا تنطق به.

كان ترامب قد اعتبر زيارته للخليج قد حققت له نصف تريليون دولار، عاد بها إلى بلاده، وآتت ثمارها في كشف الدولة المارقة، وهو بموقفه المؤيد للسعودية والإمارات والبحرين ومصر، اتخذ موقفا آخر على خلاف هوي رجال البنتاجون والخارجية الأمريكية. ثم لم يلبث أن اتصل بتميم وعرض أن يتوسط لإصلاح العلاقة بين دول الخليج على أن يأتوا جميعا إليه في واشنطن!

وحتى اللحظة فإن الموقف في الدوحة يتحدث عن محادثات وحوار، والإمارات والرياض، مستعدتان للحوار لكن على أساس تلبية كافة التعهدات التي وقع عليها تميم في حضور ترامب بقمم الرياض مع قادة ٥٥ دولة عربية وإسلامية، وأهمها وقف تمويل الإرهاب ووقف التحريض، ووقف التدخل في الشئون الداخلية للدول. هل سيرضخ أم سيشمخ ؟! مع الأيام وانقلاب التحالفات ستسقط أقنعة أخرى كثيرة.
الجريدة الرسمية