مشهد الحصار العربي لقطر وسيناريوهاته
أعلنت دول عربية محورية على رأسها مصر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين مقاطعتها لإمارة قطر دبلوماسيا واقتصاديا وامتدت المقاطعة حتى وصلت إلى حد الحصار الكامل من جانب هذه الدول على الإمارة الصغيرة.
وهذه الإجراءات العنيفة حسب بيانات رسمية صادرة من هذه الدول بسبب عدم التزام قطر باتفاق الرياض، وبسبب دعم إمارة قطر لجماعات إرهابية وأهم هذه الجماعات جماعة الإخوان، وبسبب تدخل قطر في الشئون الداخلية لدول عربية وعلى رأسها مصر وليبيا. وكما ظاهر لنا فهناك نية قوية من جانب الدول المقاطعة لقطر لإخضاعها وتحجيمها.
توقيت مقاطعة إمارة قطر من جانب الدول العربية الكبرى جاء متأخرا جدا، فكان يجب عليهم من فترة كبيرة اتخاذ مثل هذا الإجراء. ولكن لم تستطع الدول العربية اتخاذ قرار مثل ذلك في وجود إدارة باراك أوباما التي كانت تتعامل مع الدول الخليجية ككتلة واحدة من خلال مجلس التعاون الخليجي وأيضا بسبب القطيعة المصرية - الأمريكية خلال إدارته الأخيرة، ولكن مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ومع نظرته الخاصة بأنه يجب على الولايات المتحدة الأمريكية التعامل فقط بشكل مباشر مع أكبر دولتين خليجيتين (المملكة السعودية والإمارات المتحدة) خصوصا وأن سياسته الخاصة بالإخوان المسلمين وبإيران متطابقة تماما مع سياسة هاتين الدولتين.
وأيضا مع زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى واشنطن ولقائه مرة أخرى بترامب في الرياض أدى إلى خروج القرار العربي الراهن بتأديب قطر والرد عليها. ولهذا القرار سيناريوهان لا ثالث لهما:
أول سيناريو هو تأديب قطر بالفعل والعمل على تغيير القيادة هناك، وهذا أمر يجب فيه أن تكون المقاطعة العربية لقطر ممتدة لفترة طويلة لكى تؤثر على قطر وعلى العائلة الحاكمة هناك.
والسيناريو الثاني وهو الأخطر وفيه إمكانية خلق نقطة صراع أخرى في الشرق الأوسط وذلك بانضمام كل من إيران وتركيا إلى جانب قطر. وكما نعلم ففى فبراير 2016 تم الاتفاق بين كل من تركيا وقطر حول إنشاء قاعدة عسكرية تركية داخل قطر تضم أكثر من 3000 جندى تركي، فالعلاقات التركية - القطرية قوية على مر التاريخ بل يعود الفضل للعثمانيين في إنشاء دولة قطر ولذلك ستقف تركيا بقوتها مع الموقف القطرى لأنهما يشتركان في سياسية خارجية واحدة ويدعمان نفس الجماعات الإرهابية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد انتقد تحرك الدول العربية ضد قطر، وقال إن عزل الدوحة وفرض عقوبات عليها لن يحل المشكلات وأن أنقرة ستبذل كل ما في وسعها للتوسط في إنهاء الأزمة. وبالفعل بدأت مناقشات في البرلمان التركي لإرسال قوات تركية لدعم إمارة قطر في مواجهة بلاد الحرمين والإماراتيين. الأمر الذي ينذر بكارثة في منطقة الخليج التي تعج بالقواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية والفرنسية.
ومع كل هذه الأوضاع الخليجية الراهنة نرى المستفيد الوحيد هي جمهورية إيران، فأى ضعف وانشقاق يصيب مجلس التعاون الخليجي فهو في صالحها بأى شكل من الأشكال خصوصا بعد دعوة ترامب لتأسيس ناتو عربي لمواجهة إيران لأنه فيما يبدو أن الناتو العربي المزمع إقامته ستكون أول عملية عسكرية له ضد المعسكر القطرى-التركي- الإيراني وليس ضد إيران وحدها. ويجب هنا أن نعلم أن توقيت الحوادث الإرهابية الغريبة التي وقعت في إيران ستكون شرارة لحرب في منطقة الخليج.