سادة وعبيد
يا من حملت قنبلة وسفكت بها الدماء باسم الدين، اعلم يا من فعلت ذلك طاعة لآمريك أنك ستأتي أمام الله يوم القيامة وحدك، ليس معك إلا عملك، لن تصطحب معك آنذاك جماعتك لتنوب عنك في الحساب، ولكن كلهم "آتيه يوم القيامة فردا" فلا يجمح خيالك ويسوِّل لك أنه في هذا اليوم سينادي مناد من قبل الله قائلا: فليتقدم الممثل القانوني لجماعة الإخوان حتى يُحاسب نيابة عن جماعته، ولا تغرق في الأحلام وتركن إلى خيالك الجامح فتظن أن مسئولك أو سيدك الأعلى سيخرج من عند الله وسيقول لكم:
أبشروا فقد أدخلنا الله جميعا الجنة صالحنا وطالحنا لأننا كنا جماعة تدعو إلى الإسلام، الحساب لا يكون للجماعات ولكنه يكون للأفراد، الله يا أخي لا يحاسب حسابا جماعيا بحيث الحسنة تعم، لا والله ليس هذا هو الإسلام الذي عرفناه فأحببناه واعتقدناه، ولكننا عرفنا من إسلامنا أن كل واحد من بني آدم سيسأل أمام الله سبحانه عن عمله، فإذا ترتب على أوامر سادتهم لهم إهدار الدماء التي هي عند الله أعظم حرمة من الكعبة، فإنهم سيتحملون كفلا منها "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره*ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره".
وفي يوم الفصل بين الخلائق سيكون المشهد رهيبا عندما تقف طائفة العبيد لتقرأ كتابها، سيرى كل واحد منهم ذلك اليوم الذي أطاع فيه سادته فارتكب إثمًا، حتى ولو كان بزعم الدفاع عن الإسلام، فالإسلام لا ندافع عنه بالخطايا والقتل، سيرى هذا العبد الذي أغلق قلبه وسمعه وبصره وهو في الحياة الدنيا ذنوبا وآثاما لم ترد على باله، حينئذ سيعلم أن السادة أضلوه، وهو استجاب للضلالة حينما أغلق عقله وسلمه لهم، لا تظن يا أخي أن هناك ظلما عند الله، أنت ارتكبت الضلالة بإضاعتك نعمة إعمال العقل فلا تلومن يومئذ إلا نفسك، هل تعرف يا أخي ما الذي ستقوله لله ساعتئذ؟ اقرأ القرآن لتعرف، فكر وحدك دون أن يهيج ضميرك جماعة أو مجموعة، فرب العزة أمرنا أن نفكر فرادى، لأن الركون إلى التفكير الجمعي لن يصل بك إلى الحق، اسمع أو اقرأ أو افهم يا من عبدت نفسك للناس قول الله سبحانه "إنما أعظكم بواحدة * أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا" الحد الأقصى للإنسان وقت التفكير هو أن نكون مثنى، والحد الطبيعي هو أن نكون فرادى، لأن التفكير الجمعي يورث الضلال.
ترى ما الذي سيقوله العبيد لله سبحانه وتعالى يوم القيامة، سيقولون "ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا" لن يعتذر العبيد لله إلا بركن الطاعة، والثقة في السادة، سيتهمون أنفسهم بالغفلة، سيبكون أمام الله وهم يقولون: إن مشكلتنا كانت في السمع والطاعة، لم نعقل ولم نفهم، وضعنا عندما فكرنا تفكيرا جمعيا.