لماذا الحرب على قطر؟!
المتحدثة باسم السفارة الإماراتية في واشنطن تدعى لمياء واللمياء تعني الشفاه السمر بحسب التفاصيل التي تذيعها لغة العرب في الوجدان والأفهام.. لمياء السمراء كعادة نساء الخليج أعلنت أن قراصنة إلكترونيين هاجموا البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، واستحوذوا على سجلات ووثائق مهمة للغاية تكشف عن دور إماراتي مختلف في التعاطي مع مسؤولين أمريكيين مدنيين وعسكريين، وهناك ملايين من الدولارات تدفع لكتاب ولصحفيين ومستشارين بمختلف الاختصاصات للإساءة لحلفاء واشنطن.
وكلمة حلفاء واشنطن بحسب تعريف قناة "الجزيرة" تعني قطر المغضوب عليها خليجيًا والتي تعيش في أزمة حقيقية بعد أن عانت من مواجهة مع دول الخليج الأخرى، خاصة الإمارات التي تضرب بشكل مباشر دون السعودية والبحرين.
فحتى اللحظة تكتفي الرياض بتوجيه رجالات تويتر والصحف الورقية للرد على المشاكسات القطرية والتحولات في سياسة الدوحة ضد المملكة، لكنها لم تكلف فضائياتها بفعل المزيد، وتولت الإمارات ذلك عنها، وصارت تهاجم جوا وبرا وبحرا وعبر الإنترنت والصحافة الأمريكية والأوروبية والعربية، وتستخدم قنواتها الفضائية لوصف قطر بتوصيفات لاذعة ومهينة، مع إن الدوحة لم تقصر على الإطلاق فهي تهاجم كذلك وكشفت معلومات عن سجون سرية إماراتية في اليمن، وليس مستبعدًا أن تكون وراء التسريبات التي جرى الحديث عنها في واشنطن، وسربت جزءا منها صحيفة محلية.
في الواقع فإن قطر هي المستفزة من السلوك الإماراتي، فالإمارات بدأت مبكرا في المنافسة المباشرة لحليفاتها الخليجيات، لكنها لم تثر حفيظة السعودية على العكس من قطر، وهناك تدخل كبير للإمارات في سوريا وكانت أنثى إماراتية قد قصفت في الرقة بعد حرق الطيار معاذ الكساسبة وهو أردني أسره تنظيم داعش في سوريا، وفي العراق لا يخفى نوع الدور الذي تلعبه الإمارات، وفي أفغانستان لم تعد بحاجة إلى اتهام مباشر، فسفيرها قتل في تفجير لطالبان قبل عدة أشهر، وهناك امتعاض قطري من دورها في كابول وهذا الامتعاض إيراني وباكستاني، وقد يكون هنديا أيضا، بينما كان الهجوم المروع الأخير الذي استهدف حي السفارات في كابول قريبا جدا إلى مبنى السفارة الإماراتية..
وفي اليمن مثل الدور الإماراتي إزعاجًا للمملكة العربية السعودية التي تقبلت ذلك على مضض فهي لا تريد خسارة حليف كالإمارات مادام يلعب بعيدا عن حدودها الجنوبية ويترك صنعاء وصعدة والمناطق الشمالية لليمن، ويتجه جنوبا نحو عدن وشرقا نحو حضرموت والمكلا، ثم يتوغل في عمق البحر نحو جزيرة "سوقطري" الشهيرة التي رأيت روعتها من خلال فيلم وثائقي صنعه الزميل عبدالله إسماعيل وهو صحفي وتليفزيوني يمني معارض، حيث تحتفظ بإرث حضاري وثروات طبيعية مثيرة في البحر والبر، وربما كانت تبعد عن سواحل اليمن بمسافة 500 كم لكنها يمنية بامتياز غير إن الإمارات أنشأت فيها مطارا دوليا تنطلق منه رحلات مباشرة إلى الإمارات وينقل المساعدات والمعدات والأغذية والمسافرين.
الحزام الأمني في عدن تقوده قوة إماراتية وسيطر على أجزاء من المدينة ومطارها الدولي، ودعم تحركا لإنشاء مجلس حكم هناك، واصطدم مع جماعة الرئيس منصور هادي المدعوم سعوديا، ويواجه حلفاء قطر في حزب الإصلاح، وفوق ذلك فإن الإمارات دعمت تشكيل مجلس شرق اليمن لإدارة حضرموت والمكلا، وهذا ما قد يسبب إزعاجا للجارة عمان التي تحتفظ بعلاقات حذرة مع الجارات الخليجيات، وهي دولة حضارية عريقة وقديمة.
الإمارات تدعم الغارات المصرية على مدن في الشرق الليبي ووسط الجنوب الذي توجد فيه جماعات تهدد استقرار مصر، وكذلك تدعم الجنرال خليفة حفتر الذي يجتمع بقادة مصريين وإماراتيين، وهذا كله حراك إماراتي بالنيابة عن المملكة العربية السعودية التي ترفض الإخوان والجماعات الدينية الأخرى، وتؤيد حراك حفتر في ليبيا برغم عدم ارتياحها لتحرك الإمارات في اليمن، وهناك توافق إماراتي سعودي في نقاط تأزم عديدة في الشرق العربي تجعل من قطر خطرا كبيرا على مشروع البلدين الحليفين، وهذا ما يبرر الغضب الخليجي على الدوحة، في حين أن الصراع الخفي بين الأسر الحاكمة في بلدان الخليج والمنافسة على الود الأمريكي من العوامل الأكثر خطورة على مستقبل هذه الدول التي تستقر على رمال متحركة.