رئيس التحرير
عصام كامل

قاض بمجلس الدولة: نظام الحكم يقدره المواطنون كلما ارتفعت راية العدل

فيتو

سلم المستشار برتى سامى، نائب رئيس مجلس الدولة، ورئيس نادي قضاة مجلس الدولة بالبحيرة، الفقيه المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضو الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا، درع التميز خلال حفل الإفطار السنوى الذي حضره عدد من القضاة بالهيئات القضائية وشباب قضاة مجلس الدولة.


وقدم المستشار خفاجى الشكر لزملائه شباب القضاة بالبحيرة وتكريمه مع زملاء آخرين له، وقال في افتتاحية كلمته الشرف العظيم أن يأتى تكريمى في هذه المناسبة الخالدة بشهر رمضان المعظم مما أضاف لهذا التكريم نبلًا وإجلالًا له ولزملائى الكرام، ويعد تتويجًا من زملاء المسيرة القضائية الذين يرفعون راية العدل ويضيئون مشاعل العدالة بالفكر المستنير ينيرون الطريق إلى الحقيقة التي ننشدها جميعًا قضاة ومتقاضين لأن العدالة للناس وبالناس ومن أجل الناس.


وأضاف الدكتور محمد خفاجى: "نذكر جميعًا من أدبيات العمل القضائى التي تربينا عليها جميعًا قناعة الضمير والوجدان واستقلال الفكر والبحث المنهجى المضنى، ومن ثوابت الأَداء القضائى التي تسود في فكرنا وفى ضمير مجتمعنا أعطنى قاضيًا عادلًا وقانونًا ظالمًا يتحقق العدل ".


وأشار الدكتور محمد خفاجى،"أن كلمة العدل في حروفها بسيطة وفى معناها ومغزاها عميقة، فهى طريق المعاناة والبحث والمشقة والجرأة والجسارة والنزاهة والنقاء وهى مسئولية تنوء بحملها الجبال مدركين أننا تسلمنا تلك المسئولية من أساتذة لنا سبقونا وعلمونا العلم النافع المفيد، تعلمنا منهم أن نكون من النصراء، تعلمنا ألا نعرف سوى الأحقاء، تعلمنا أن يكون قميصنا طاهرًا بدون دم الافتراء والاستهواء، تعلمنا الصبر طويلًا على الإقصاء، تعلمنا أن الله سبحانه وتعالى هو المستعان على الغدراء والاجتراء، تعلمنا أن ندرس حالات الاستقراء، تعلمنا أن نصون أنفسنا من الأخطاء، تعلمنا أن نسمع لصوت العلم بواجب الإصغاء، تعلمنا ألا نحزن لإيماننا بأن الله مع الجهراء، فكل شئ بقضاء، تعلمنا أن نبذل كل طاقتنا وابداعاتنا ولسوف يعطيك ربك من عطفه والاستبقاء، تعلمنا وتعلمنا وعلمونا كثيرًا من الاحتواء والارتواء والإرضاء هذا ما تعلمناه ما أستاذة لنا، وها نحن نسلم مسئولية القضاء إليكم لشباب قضاة مجلس الدولة رافعة رأسها، شامخة في سموها، رفيعة في اَدائها تتحدى كل العواصف والمحن، وسترتفع بكم راية العدل خفاقة بازغة كبزوغ الشمس وضحاها".


ويقول الدكتور محمد خفاجى وأقولها بصراحة ووضوح إن نظام الحكم في البلاد يرتفع كلما ارتفعت راية العدل، فقد كانت العدالة هي الحاضنة للحضارة المصرية القديمة، وكان الملك الفرعونى يقدم كل يوم وليس كل شهر أو سنة – تمثال العدالة معات قربانًا للآَلهة انبثاقًا من الإحساس الفطرى للمصريين القدماء بفكرة العدالة، وروت لنا بعض الوثائق تعبيرًا بليغًا لمعنى العدالة من أحد الملوك الفراعنة قوله: " إن العدالة هي خبزى وأنى أشرب دائمًا من نداها " وستُدهش العقلية القانونية الحديثة بالانبهار من أن كثيرًا من المبادئ الدستورية التي صاغتها الإعلانات المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وطبقتها الأنظمة الديمقراطية الحديثة هي من نبت أرض مصر الطيبة المباركة.


وأيضًا حق مخاطبة السلطات العامة كحق دستورى وما يتفرع عنه من حق الشكوى والذي وضعت المحكمة الإدارية العليا حدوده للموظف العام بألا يتجاوز الحدود الموضوعية لحق الشكوى فلا يتناول الرؤساء بالتجريح أو التشهير وأنه لا جناح على المتظلم إذ لاذ برئيس الجمهورية مستصرخًا إياه الظلم ومحاسبة رؤسائه، هذه القاعدة الدستورية نبتت أيضًا على هذه الأرض الطيبة كما جاء ببردية الفلاح الفصيح " خونانوب" التي ضجت بالظلم ضد بعض الحكام وقد سمعها الملك الفرعونى من الفلاح وحقق له العدالة، وقد طالب الفلاح الملك بتحقيق عناصر العدالة بقوله: " أقم حياة الصدق، أجب داعى الحمد، واطرح الشر أرضًا، أقم العدالة أيها الحميد الذي يُثنى عليه كل حميد، فكن رحيمًا محسنًا ونقب عن الحقيقة، ولا تكن ظالمًا حتى لا تدور عليك الدوائر يومًا، لا تسلب فقيرًا ماله، ولا تنهب ضعيفًا "


وكذلك مبدأ ضمير القاضى واستقلاله نبت على هذه الأرض الطيبة، وقد ضرب الملك الفرعونى أروع المثل على النزاهة والحيدة في مجال الاختصاص القضائى حيث يقول الفقيه "بايل ليت"في بردية تورين أنه حينما قام بعض الأفراد بمؤامرة ضد نظام الحكم في عهد رمسيس الثالث فقام الملك بتحديد أسماء المتهمين وترك للقضاة إجراء العمل القضائى الفنى للفصل في هذه الجريمة حتى يفسح المجال للقضاة بأن يقوموا بإنزال حكم القانون على وقائع الدعوى دون تدخل منه وقال للقضاة قولته الشهيرة " ليكن ضميركم هو سيد الحكم ".


كذلك مبدأ تولى الوظائف العامة على أساس الكفاءة في التعيين دون محاباة أو وساطة كمبدأ دستورى نبت من هذه الأرض الطيبة، فقد روت لنا إحدى الوثائق التي اكتشفها الفقيه "جينى فال" أنه على الرغم من أن تعيين كبار الموظفين المعاونين في البلاط الملكى وترقيتهم وعزلهم سلطة مطلقة للملك إلا أن الملك الفرعونى كان مقيدأ في هذا التعيين بالكفاءة والتعليم والثقافة. 


الجريدة الرسمية