رئيس التحرير
عصام كامل

أشرف عبده يكتب: قانون الجمعيات الأهلية بين عدم الدستورية وهدم المجتمع المدنى

أشرف عبده
أشرف عبده

إذا ما قرأنا جميعا قانون رقم 70 لسنة 2017 الذي صدر مؤخرا بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية وتنظيم العمل الأهلي والتطوعي في مصر سنجد أن معظم مواد القانون غير دستورية لمخالفتها مواد الدستور المصري وأيضا مخالفتها للمواثيق والمعاهدات الدولية التي تلتزم بها مصر خاصة التوصيات التي التزمت بها مصر في الاستعراض الدوري الشامل الأخير في عام 2014 والتي تخص تنظيم عمل المجتمع المدني في مصر وإنشاء قانون الجمعيات الأهلية ليتماشى مع الدستور واحترام حق الجمعيات الأهلية في العمل بحرية وضمان امتثال التشريعات المصرية للعهد الدولي لحقوق الإنسان تلك التوصيات المقدمة من إيطاليا والمملكة المتحدة وأيرلندا الشمالية وكوستاريكا وكرواتيا وإيسلندا وكوريا وفنلندا وفرنسا ثماني توصيات قررت مصر الالتزام بهم تجاه هذا الموضوع.


وللأسف جاءت الطامة الكبرى بقانون يضرب الدستور والمواثيق الدولية عرض الحائط والدليل على ذلك وعلى سبيل المثال العقوبات المشددة على الجمعيات والمؤسسات الأهلية في حال ارتكاب مخالفات فهى عقوبات إجرامية لا تتناسب مع العمل الذي يقوم به تلك الجمعيات والمؤسسات فالعقوبات دائما في العمل الأهلي مقترنة بالغرامات فقط وليسى الحبس وكان يجب أن تضاف على تلك العقوبات بديلا عن الحبس الحرمان من المشاركة أو العمل في الجمعيات والمؤسسات الأهلية لمدة معينة تصل إلى الخمس سنوات على الأقل كما أن المادة الثانية والخاصة بتأسيس الجمعيات والتي تنص على يكون تأسيس الجمعيات بموجب اخطار يقدم إلى الجهة الإدارية المختصة على النموذج الذي تحدده مستوفيا كافة المستندات المنصوص عليها في المواد التالية، وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار، ويكون لكل شخص طبيعي أو معنوي حق الانضمام إليها أو الانسحاب منها وفقا لاحكام هذا القانون.

ولا يعتبر إخطارا منتجا لآثاره القانونية كل إخطار لم يستوف كافة البيانات والمستندات المطلوبة وفقا للنموذج المعد لذلك تخالف المادة 75من الدستور والتي تنص على من الدستور للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطى؛ وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار وقد صدر حكم أشبه بهذا الأمر بعدم دستورية المادة العاشرة بقانون الطوارئ والذي صدر عن المحكمة الدستورية بتاريخ 3 ديسمبر 2016 مستنده إلى أن الشخصية الاعتبارية تكتسب بمجرد الإخطار لهذا فإننا نتمنى أن يصدر تعديلا قريبا على هذا القانون الذي أقل أن يوصف بقانون العار والذي يسعى لهدم منظومة المجتمع المدني في مصر وسيتسبب في غلق العديد من الجمعيات والمؤسسات مما سيفتح باب التشرد للعاملين بها كما أن القانون أيضا يسعى إلى إنهاء العمل الخيري والتنموي في مصر ففي مواده يمنع عمل الاتحادات والمبادرات الشبابية من العمل إلا من خلال الجمعيات والمؤسسات الأهلية وطبقا لهذا القانون الهزلي والذي يبيح الحبس في حالة مخالفة ذلك لمن يسعى لخدمة بلده والمعاونة في تنميتها فهناك العديد من المبادرات والكيانات الشبابية التي تعمل بجد ونشاط في تنمية بلدها والنهوض بالعمل الأهلي دون التقيد بجمعية أو مؤسسة أهلية ولكنها الآن ستقف عن العمل خشية الفتك بها جراء هذا القانون.

وأيضا عدم جمع تبرعات أو الصرف منها إلا بعد الحصول على موافقة الجهة الإدارية خلال ثلاثين يوما وبعد المدة إن لم يصل موافقة يعتبر رفض هذا سيعطل الجمعيات والمؤسسات عن القيام بعملها وللاسف هذا سيتيح للموظفين بالإدارات التي تنظم عمل الجمعيات في العبث بها حيث اننا نعلم جميعا أن هناك من يعطلون مصالح المواطنين فمنهم من سيتعمد تعطيل أوراق الجمعيات حتى تنتهى المدة المحددة وينتفى الغرض ويصبح الأمر رفضا دون إبداء أي أسباب.

كما أن القانون يمنع استطلاعات الرأي إلا بإذن مسبق من الجهات الإدارية وهذا يخالف المواثيق والمعاهدات الدولية كما أنه سيعمل على تعطيل مصالح الجمعيات والمؤسسات، حيث إن عملها في اغلب الاحيان يحتاج إلى عمل استطلاعات رأي من أجل الحصول على معلومات تفيدها في عملها مثل استطلاعات رأي حول احتياجات المجتمع المحيط بها حتى تتمكن من تحديد تلك الاحتياجات والأولويات منها والعمل على المساعدة في سد تلك الاحتياجات ومعاونة الدولة فيها.

لهذا يجب أن تتكاتف الجمعيات والمؤسسات الأهلية لرفض هذا القانون نهائيا والعمل على تعديله بما يتوافق مع الدستور والمواثيق الدولية قبل فوات الأوان.
الجريدة الرسمية