رئيس التحرير
عصام كامل

يوسف الشريف.. هل ستتركونه يسب مسلسلاتكم؟


لم يكن من المناسب أن يخرج يوسف الشريف على جمهوره ليطالبهم بالتفرغ للعبادة في رمضان، لم يكن موفقًا في اختيار الوقت المناسب للتحدث في أمر كهذا، كيف يعقل ذلك ونحن في شهر المسلسلات المباركة، يخرج علينا من يقول إن عبادة الله في هذا الشهر أولى من أي شيء آخر، والمثير في الموضوع أنه فعل هذا الأمر العام الماضي، ولكنه لم يتعلم من أخطائه.


يوسف الشريف الذي يقدم هذا العام مسلسل "كفر دلهاب" واجه هجومًا شديدًا من جانب عدد كبير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، ومن زملائه في الوسط أيضًا، الجميع طالبه بعدم تقديم مسلسل في رمضان وتقديم برنامج ديني بدلًا من ذلك، وآخرون ذهبوا إلى مطالبته بترك التمثيل عمومًا، ووصل الأمر إلى التجريح الشخصي فيه، كل هذا لأنه طالب الناس بالصلاة وقراءة القرآن والعبادة لله في رمضان، شهر العبادات كما تعلمنا من وقت طويل، قبل أن يتحول إلى شهر مسلسلات وبرامج.

قد يقول البعض إنه إذا كان هذا رأيك فلماذا تشاهد المسلسلات في رمضان؟ ولماذا تتحدث عنها؟ ولماذا ولماذا ولماذا.. الأمر بسيط جدًا، فلم يقل لك أحد ألا تشاهد مسلسلات أو برامج وأن تعتكف في المسجد طوال أيام الشهر، يمكنك أن تتعبد ويمكنك أن تشاهد مسلسلات وأن تخرج برفقة أصدقائك، وأن تفعل أشياء كثيرة، الوقت يكفي، وعلى الجانب الآخر يمكنك ألا تتعبد وألا تصوم وأن تقضي وقتك كله في ارتكاب أبشع المعاصي، كما تشاء هي ورقتك التي ستحاسب عليها ولن يحاسب أحد مكانك، ولكن في الوقت نفسه لا تهاجم من يدعو الناس لعبادة الله.

يوسف الشريف لم يقل شيئًا خاطئًا، كل ما في الأمر أن هذا المجتمع يتحول تدريجيًا مع الوقت من مجتمع متدين وسطي إلى مجتمعين متوازيين، أحدهما داعشي متشدد يفسر الدين على هواه المتطرف، والآخر علماني متحرر لا يهتم بالدين من الأساس وربما لا يؤمن بتعاليمه، وقريبًا ستختفي الطبقة الدينية الوسطية، كما ستختفي الطبقة المتوسطة اجتماعيًا وماديًا.

الأسوأ في الأمر هو خروج بعض زملائه وبعض المثقفين الذين لا يرتبطون بأي علاقة "مصلحة" معه ليهاجموه، سواء في العلن أو الأحاديث الجانبية، وكأنه قام بسبهم أو المطالبة بقتلهم، هؤلاء الذين كان من المفترض أن يشاركوه الرأي، أو على الأقل ألا يعترضوا على ما يقوله، فإن لم تكن متعبدًا فعلى الأقل لا تهاجم من يدعو الناس للعبادة، وهذا أضعف الإيمان، وبعيدًا عن الدين، فهؤلاء الذين يدعون أنهم حاملي لواء الدفاع عن حرية الرأي والتعبير، لم يكن من المفترض أن يحجروا على رأي وكلام يوسف الشريف، وقياسًا على أمر الزمالة فلم يكن من المفترض أن يهاجموا زميلهم بهذا الشكل، فمن جميع النواحي هم مخطئون، فلو كان من خرج ليقول ذلك هو أحد أعضاء "شلتهم" كانوا سيخرجون يهاجمونه بنفس الطريقة؟

وأخيرًا.. يوسف الشريف لم يقل لأحد شاهد مسلسلي فقط، أو لم يقل لأحد لا تشاهد مسلسلات في رمضان، ولم يقل أي شيء من تلك التفسيرات التي فسرها جهابذة العصر الكثيرين الموجودين حولنا، فلقد أعاد نشر تويتة كتبها على موقع "تويتر" كتبها العام الماضي كان يقول فيها "إياك أن تضيع ركعة كنت تنوي أن تركعها لله من أجل مسلسل القيصر أو أي مسلسل آخر (خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له)"، ثم علق عليها قائلًا "مش غلط إنك تتفرج على كفر دلهاب في وقت فراغك (خصوصا إنك ممكن تتابعه في الوقت اللي تختاره) بس الغلط إنه يشغلك ويضيع منك أيام بجد متتعوضش".

الأمر لا يحتاج إلى سيبويه أو ابن سينا ليفسر تلك الجمل، فهو يعني أن لا تضيع الصلاة من أجل مسلسل، صلي أولًا ثم شاهد ما تشاء ثانيًا، وهو ما أكد عليه في التعليق الثاني بتأكيده على أنه يمكن للشخص مشاهدة المسلسل في الوقت الذي يريده، هي نصيحة أخذ بها من أخذ وتركها من تركها، ولكن كيف يمر الأمر مرور الكرام، كيف يدعو هذا الرجل الذي يعمل في الوسط الفني إلى عبادة الله، هكذا سيسئ إلى سمعة الكثيرين من العاملين بداخله.

وفي النهاية نحتاج إلى رأي عالم أزهري يخرج علينا ليقول لنا هل ما قاله يوسف الشريف متفق مع تعاليم الدين وهو أمر متعارف عليه؟ أم أنه أخطأ في حق الدين والمجتمع فنقوم برجمه حتى الموت.
الجريدة الرسمية