«فيس بوك» يحارب الإرهاب
توارث "برعي" مهنته كبائع فاكهة من والده الذي أخبره بسر خطير قبل وفاته وهو أن مجموعة صغيرة اعتادت أن تأتي للمحل منذ سنوات لتأكل "ثمار" التنمية وحدها وتترك "البذور" لبقية السكان وهو ما أغضبهم وجعلهم يشعرون بغياب العدالة.
نظر إلى صورة والده متذكرًا كلماته قبل أن يفتح التليفزيون للتسلية انتظارًا لقدوم الزبائن، فوجد مشهدا من فيلم كوميدي تظهر فيه شخصية "سوكا العبيطة" التي تضرب الأطفال وتمنع الكبار من الحديث وتبرر أفعالها بأن كيفها ومزاجها كدة.. ضحك على المشهد ناسيًا همومه قبل أن تتبدل ملامحه ويبكي بعدما تذكر أن "المزاج" انتقل من جلسات الحشيش إلى جلسات مجلس النواب!
كان "برعي" مصابًا بالاكتئاب فنصحه الطبيب النفسي بالتوقف عن متابعة أخبار المجلس لذا بدأ يهتم بمتابعة أحوال جيرانه وعندها أفزعه أن معظمهم لم يعد يؤمن بالتعدد إلا في الزواج مما جعل كلمة "قبول الآخر" بالنسبة لهم بمثابة فيلم خيال علمي، وعندما أفضى بمخاوفه إلى أصدقائه أخبروه بأن ما يخيفهم أكثر من تكرار الحوادث الإرهابية بحق المسيحيين هو تواجد فئات مغيبة تروج للأفكار المتطرفة وهو ما يؤكد حاجتنا لحملات توعية تنشر قيم قبول الآخر وتصحح المفاهيم المغلوطة.
اشترك معهم في الحوار أحد الزبائن الذي أخبرهم بأن حملات التوعية يجب أن تبدأ من وسائل التواصل الاجتماعي -وبالأخص موقع فيس بوك كونه الأشهر في مصر- ولكن علينا التعامل مع هذه المواقع بمنهجية "الباحثين" وليس بتفكير "المخبرين"، فليس من المهم أن يتوقف الجميع عن إبداء النقد لسياسات الدولة، ولكن من المفيد أن نستوعب قدرتنا على التواصل المباشر مع ثلث سكان مصر المتواجدين عبر هذه المواقع، وبالتالي إمكانية دراسة وتحليل آراء الجمهور والتأثير الإيجابي عليهم عبر بث "الرسائل" المناسبة القادرة على نشر ثقافة التسامح وترسيخها.. ابدأوا حملات التوعية وسنرى وطنًا جديدًا.
