صوتك من ذهب
كانت فكرة جميلة ومتقدمة التي عمل عليها مركز دار السلام للإعلام والدراسات وتنمية المجتمع بالعراق والتي تهدف إلى نشر وعي انتخابي مختلف عن الوعي الذي أسست له قوى سياسية مصلحية وفئوية طائفية وقومية ذهبت بأصوات الناس إلى صناديق تمثل مصالح القوى المتنفذة، فكان المواطن يدلي بصوته لينتخب ممثلين له في البرلمان والحكومة لكنه في الحقيقة كان ينتخب شخصًا يمثل جهة سياسية، ولا يمثل الشعب، وفي الغالب لم تكن من استراتيجية واعية لبناء الدولة، بل بقيت الأمور تدار وفقًا لاجتهادات، وتطوع من هذا السياسي، أو ذاك.
فالبرلماني المنتخب لا يمثل الشعب حقيقة التمثيل، وينشغل بالتفكير في المرحلة اللاحقة، وكيف يمكن له ضمان الفوز في الدورة التالية ليكون متنعما منتفعا من حضوره في المنظومة النخبوية، وما توفره من امتيازات عالية في الراتب والمنزلة الاجتماعية والسفر والحضور في مؤسسات الدولة والحصول على الأموال من جهات متعددة متنفذة، وعديد من السياسيين يدخلون في عالم التجارة والأرباح وتشغيل الأموال، وتمضية العقود، وجلب شركات تمنحهم فوائد مالية.
لا يعمل البرلماني على وضع استراتيجية شاملة للبناء والإعمار والتطوير والنهوض بقطاع الخدمات العامة، وهو ليس الملام وحده، فالمنظومة السياسية تسحبه إلى دائرتها، ويتحول إلى منتفع فقط، وهناك من النواب من يلتف على الأمر برمته فيذهب باتجاه حيلة شرعية تتمثل في مساعدة المقربين منه والاهتمام ببعض المناطق التي يضمن أصوات مواطنيها في أي مشاركة انتخابية، ويبدأ بالضغط على الدوائر الخدمية لتعبيد طرق، أو بناء مستوصفات حتى لو كان ذلك على حساب مناطق أخرى تكون مشمولة بالخدمات تلك لكن الضغط يغير المسار، ويكون فساد من نوع آخر أكثر قتامة.
كيف يمكن للمواطن أن يضمن إن صوته سيذهب بالاتجاه الصحيح، وأن يكون في الصندوق الملائم، ويحدد الشخص المناسب في المكان المناسب الذي يخدم مواطنيه ليس فقط في تعيين بعض الأشخاص، أو تقديم مساعدات لبعض آخر، أو تقديم خدمات بسرقتها من مواضع أخرى، ولكن بوضع استراتيجيات شاملة، والعمل بروح المجموع لتكون المؤسسة البرلمانية فاعلة، ولا تعود تمثل الكتل البرلمانية وحسب.
في هذا السياق تأتي حملة ( صوتك من ذهب) لتكرس مشروعا فيما يهدف إلى اجتذاب المواطنين إلى الدائرة الصحيحة ومساعدتهم في الخروج من دائرة الولاءات الحزبية والطائفية والقومية والعشائرية وحتى المناطقية ليصوتوا لممثلين لديهم رؤية واستراتيجية واعية، وليسوا أشخاصا باحثين عن المناصب والامتيازات والحظوظ العالية التي تخدمهم، بينما تحرم شعبا كاملا من حقوقه، وهذه الحملة ستشمل مختلف القطاعات الشعبية مع قرب موسم الانتخابات البرلمانية والمحلية، وهذا يحتاج إلى تكثيف الجهود واستهداف شرائح مجتمعية مختلفة، ولا تقتصر على موضع بعينه، بل تشمل مختلف التوجهات والمهم أن يصوت الناخب لمن يكون جديرا بالعمل من أجل الوطن لا من أجل نفسه.