«زوبعة».. البشير!
كلما تعرض حاكم السودان عمر البشير لأزمات داخلية أو احتاج إلى مزيد من الدعم القطري، قام بالهجوم على مصر في محاولة لإلهاء الشعب السوداني عن أزماته التي تتضاعف نتيجة سياساته.. رئيس لا ينشغل سوى بالبقاء في الحكم، ولو على حساب تقسيم السودان إلى ثلاث دول.. وربما أكثر وأن يحكم بلاده بالحديد والنار.. ويقمع كل صوت معارض ويسجن قيادات الأحزاب الوطنية التي تعارض سياساته التي تقود السودان إلى مصير مجهول.
وكلما تزايد الغضب الشعبي يلجأ البشير إلى إشغاله بقضايا وهمية، في محاولة لإبعاد الرأي العام عن الأزمات الحقيقية التي تواجه السودان، ولا يتورع في سبيل تحقيق تلك (النابرة) من الهجوم على مصر مرة، لأنها احتلت حلايب وشلاتين رغم أن القضية تم حسمها منذ زمن بعيد، ولكن البشير لا يتوقف عن إثارتها كلما مر بأزمات داخلية، ومرة أخرى بأن مصر تصدر للسودان سلعا غذائية فاسدة يقرر إعادتها بعد إثارة ضجة غير مبررة دون أن يوضح الجهة التي تم التعاقد معها، وإذا ما كانت تابعة للدولة أم للقطاع الخاص، وإذا كانت السلع فسدت نتيجة عدم الإفراج السريع عنها، أم لأسباب أخرى، وفي كل الأحوال فلا يوجد مبرر لإثارة تلك الضجة.. طالما أن السلع تم إعادتها لمصر.. ولكن لأن الغرض مرض كما يقولون.. لم يتوقف البشير عن تضخيم المشكلة.. والإيحاء بأن الدولة المصرية تصدر للسودان السلع الفاسدة، ومرة ثالثة يدعي البشير أن الحكومة المصرية تسئ معاملة أبناء السودان المقيمين على أراضيها، وهو ما قامت بنفيه الوزارات المعنية.
ومرة.. ومرة.. وتتعدد مبررات هجوم البشير على مصر.. خاصة عندما يحتاج إلى المزيد من الأموال التي تقدمها قطر في مقابل أن يستمر في حملاته العدائية ضد مصر.
ولكن أغرب حملات الكراهية التي يفجرها البشير ضد مصر، وتستهدف إحداث الفتنة بين الشعبين الشقيقين جاءت في الأسبوع الماضي، عندما أعلن أن قوات بلاده ضبطت عربات ومدرعات مصرية، عقب المعارك الأخيرة في إقليم دارفور.. وزعم أن القاهرة تدعم المتمردين في الإقليم.. وجاء الرد المصري الحاسم بأن مصر لا تدعم أي حركات انفصالية.. وليس من سياساتها التآمر على الدول الأخرى.
ويبدو أن ترفع مصر عن الرد على تجاوزات البشير، أغراه بالتمادي في الهجوم عليها، رغم أنه يعلم أن مصر قادرة على الرد على تلك التجاوزات، ولكنها تراعي العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين، وتدرك أن الرجل يسعى لإرضاء حكام قطر الذين يتولون الدفع للبشير ثمنا لوجود الجماعات الإرهابية على أراضي السودان، وهي الجماعات التي يوفر لها البشير الملاذ الآمن، لتصبح «شوكة» في ظهر الدولة المصرية، لذلك لا يتوقف البشير عن مغازلة قطر.. وتمجيد قياداتها.
والملاحظ أن هجوم البشير على مصر تزايد عقب القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي عقدت بالمملكة العربية السعودية منذ أيام.. وما أعلنه الرئيس السيسي في كلمته الموفقة أمام المؤتمر من أن مواجهة الإرهاب تتطلب مواجهة كل عناصر العمل الإرهابي، وألا تقتصر على الذين يقومون بالعمليات الإرهابية، وإنما تمتد لتشمل كل من يوفر لهم الملاذ الآمن.. ويتولى تدريبهم وتمويلهم والتغطية السياسية لأنشطتهم الإجرامية.
وكل تلك الجرائم يرتكبها نظام البشير، الذي جعل من السودان ملاذا آمنا للإرهابيين، ويتولى تدريبهم على عمليات التخريب والقتل.
والأمر المؤكد أن الرئيس السيسي عندما طرح الرؤية المصرية التي ترفض التفرقة بين من يرتكبون الجرائم الإرهابية.. وبين الذين يوفرون لهم الدعم بكافة أشكاله، لم يكن يقصد السودان وحده أو أن يكشف الجرائم التي يرتكبها البشير بترحيبه بالجماعات الإرهابية على أرض السودان.
ولكن لأن «الغرض مرض» كما يقولون- اعتقد البشير أن مصر تكشفه أمام شعبه وأمام العالم أجمع فأثار.. «زوبعة في فنجان».