هل يفعلها الأعلى للإعلام؟!
فرصة ذهبية وجاءت للمجلس الأعلى للإعلام على طبق من ذهب، لكي يثبت حقا أن له دورا فعليا في ضبط المشهد الإعلامي، وأنه ليس مجرد ديكور وشكل بلا مضمون، ما يحدث الآن على الشاشة من تفاهات في البرامج والمسلسلات تهين المصريين تستوجب تدخله ووقف هذا الإسفاف، وإن لم يتدخل الآن فمتى يفعل؟
يجب أن يشعر المواطن بوجود المجلس، وأنه أنشئ لحماية القيم والأخلاق ومنع الابتذال، وهناك فرق بين حرية الفكر والفن والإعلام، وبين ما يحدث من إهانة حتى في الإعلانات التي تظهرنا بالشعب المتسول لغذائه وعلاجه ومسكنه، مليارات الجنيهات أنفقت في مسلسلات وبرامج وإعلانات لإهانة مصر وشعبها، أقسم بالله العظيم ما يحدث عندنا لا مثيل له في أي دولة أخرى، كيف نسمح بأن ننفق أموالنا لإهانة أنفسنا وتشويه صورتنا في الداخل والخارج، شاهدنا جميعا المسلسلات الأجنبية، وهي تظهر أهم وأفضل وأروع ما في دولها وهي خير سفير ودعاية لها وأسهمت في الاستثمار والجذب السياحي إليها.
أما أهل الفن في مصر فيتنافسون على تشويه بلدهم ونشر أسوأ ما فيها، ولا يرون سوى القبح والبلطجة والدعارة والمخدرات والسرقة وتعميق قيم الفهلوة والنصب، من يشاهد هذه الأعمال لن يفكر في الاستثمار أو السياحة في دولة تعوم على المجاري، ومواطنوها يشربون من الترع والمصارف، ويبحثون عن طعامهم في صناديق القمامة..
الدولة أنفقت مئات المليارات على البنية الأساسية المياه والصرف الصحي والكهرباء والطرق والكباري والأنفاق والنقل والمواصلات لتشجيع الاستثمار، ولكن المسلسلات والبرامج والإعلانات أضاعت كل شيء، وأظهرتنا دولة تعيش في العصر ما قبل الحجري.
مؤخرا صدر قانون الاستثمار، والدولة تسعى لتهيئة المناخ لجذب مستثمرين جدد، كيف سيحدث ذلك والدراما تظهر رجال الأعمال بأنهم جميعا حرامية ولصوص ومافيا أراضي ومخدرات وتجار سلاح وينفقون أموالهم على الشهوات؟
تحت يدي دراسة قيمة أجراها الدكتور أيمن منصور أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة حول حجم إنفاق الجمعيات والمؤسسات الخيرية على الدعاية الإعلانية حيث بلغت 4 مليارات جنيه خلال العام الماضي، وهذا سفه لا يحدث إلا في مصر فقط، ويجب على مؤسسات الدولة مراجعة هذا الكلام، ووضع رقابة وضوابط على جمع التبرعات وأوجه إنفاقها، أيضا الدكتورة عزة هيكل عميد كلية الإعلام واللغة تؤكد أن دراما رمضان ترصد صورة فردية للشر في المجتمع، وتفتح الباب على مصراعيه أمام الأطفال للأفكار الهدامة..
مقالات كثيرة كتبتها أنا وغيري عن مسلسلات وبرامج رمضان، ومع ذلك الأمور تزداد سوءا كل عام، والدولة لا تتحرك وهي تستطيع أن تفعل شيئا إذا أرادت، ولذلك هي فرصة للمجلس الأعلى للإعلام لإثبات نفسه في أول اختبار حقيقي يواجهه، حتى يؤكد أنه موجود فعليا وليس مجرد شكل بلا مضمون، مثل كثير من الهيئات والمجالس الموجودة في البلد، والتي لا لزوم لها وأصبحت عبئا على الوطن والمواطنين.
egypt1967@yahoo.com