رئيس التحرير
عصام كامل

مكاسب النكسة.. 5 يونيو يطيح بـ«المشير عامر» وجيل النصر يتسلم الزمام.. القضاء على مراكز القوى الأبرز.. مظاهرات الطيران بداية عودة الحريات.. والتضامن العربي طريق نصر أكتوبر

المشير عبد الحكيم
المشير عبد الحكيم عامر

لو نظر تشرشل إلى نصف الكوب الفارغ وهو يرى جيوش فرنسا تهزم أمام جنود الرايخ الثالث لكان هتلر زعيمًا للعالم الحديث دون منازع، لكن الرجل الستيني أدرك الحقيقة المريرة وأبى إلا النظر إلى النصف المملوء قائلًا في خطابه التاريخي: «لا أعدكم إلا بالجهد والعمل والدموع».


تلك النظرة يمكن تطبيقها على نكسة يونيو 1967، والتي يمر 50 عامًا على حدوثها، وبعيدًا عن الكارثة التي حلت بـ4 دول عربية، يبقى الحديث أن تلك النكسة التي تسببت في ضياع أراضي من 4 دول عربية، كان لها أيضًا بعض المكاسب التي ظهرت جليًّا خلال حرب الاستنزاف.

التخلص من المشير عبد الحكيم عامر
لم يكن الأمر بالسهولة التي يراها البعض، في الوقت الحاضر أن يتم تغيير وزير الدفاع قد يبدو أمرًا عاديًّا، لكن في ستينيات القرن الماضي كان يعد تهديدًا واضحًا للسلطة، ناهيك أن «عامر» هو الصديق المقرب للزعيم جمال عبد الناصر.

وتشير مذكرات قادة تلك الفترة أن الصراع بين «ناصر» و«عامر» بدأ منذ عام 1956 حين عجزت خطة الدفاع العسكري عن الدفاع عن سيناء، وازداد بعد انفصال سوريا عن مصر إذ إن قادة انقلاب دمشق كانوا من مكتب «عامر»، ورغم تقديم الأخير استقالته إلا أن «ناصر» كان يدرك خطورة تلك الاستقالة وعادت الأمور كما كانت إلا أن النار تحت الرماد.

«صاغ يحكم جيش مصر»، هكذا وصف الراحل محمد حسنين هيكل المشير عبد الحكيم عامر، لافتًا إلى إنه لم يملك من العقلية العسكرية ما تمكنه من قيادة حرب، وكانت الفرصة الحقيقية في هزيمة 67 وقرار الانسحاب الكارثي الذي تطلب تنحي «ناصر» نفسه في خطابه الشهير يوم 9 يونيو وكان آخر قراراته في السلطة ترقية الفريق أول محمد فوزي ليكون قائد القوات المسلحة بدلًا من المشير المهزوم.

قادة جدد
لم يقف الأمر عند حدود تغيير قائد للجيش فقط، لكن حركة التغييرات الجديدة كانت أهم مكاسب نكسة يونيو إذ إنها مكنت القادة الجدد من خوض حرب الاستنزاف والتمهيد الجيد لأكتوبر، وكان ضمن حركة التغييرات تعيين سعد الدين الشاذلي قائدًا للمظلات، والفريق مدكور أبو العز قائدًا لسلاح الطيران.

تضامن عربي
رغم أن الموقف العربي قبل الخامس من يونيو لم يكن على المستوى الجيد إذ انقسمت الدول العربية فريقين إحداهما يؤيد النظم الملكية والآخر يرفع لواء القومية العربية، لكن تغيرت الكفة بعد هزيمة يونيو إذ اجتمع كافة القادة تحت عنوان اللاءات الثلاثة: «لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض»، واستمر هذا التضامن لست سنوات وكانت أبرز نتائجه حرب أكتوبر.

عودة الحريات
لم يكن التظاهر بالأمر المسموح به في دولة «عبد الناصر»، الأجهزة الأمنية كانت لها اليد العليا في كل ما يمكن أن يسبب إثارة في البلد من وجهة نظرهم، لكن الأمر تغير برمته بعد النكسة، القائد المهزوم وجه انتباهه ناحية الجيش وتطويره حتى بدأت مظاهرات الطيران والتي تظاهر فيها الكثيرون اعتراضا على الأحكام التي تعرض لها قادة سلاح الطيران بعد النكسة والتي وصفوها بأنها أحكام غير كافية.

سمح عبد الناصر لتلك التظاهرات ولم يتعرض لها، بل وكان موقفه إعادة المحاكمات استجابة لتلك الضغوط، ومن ذلك اليوم لم يتم التعرض لأي مظاهرة حتى وفاة الزعيم، ورافقها بعض الإجراءات، مثل: تخفيف الرقابة على الصحف.

مراكز القوى
مصطلح ظهر في منتصف ستينيات القرن الماضي وكان المقصود به بعض المسئولين الذين استغلوا نفوذهم لارتكاب جرائم وترويع المواطنين، وقد تم تناول تلك الظاهرة في أكثر من عمل فني لرصد فترة الستينيات.

نكسة يونيو كانت ضمن أبرز مكاسبها القضاء على تلك الظاهرة من خلال تغييرات طالت مؤسسات الدولة وقياداتها.
الجريدة الرسمية