رئيس التحرير
عصام كامل

«سعفة ماسية» لدورة سياسية نسائية


اكتسب مهرجان "كان" السينمائي الدولي هذا العام أهمية خاصة، لتزامنه مع عهد رئاسي شاب تعول عليه فرنسا والقارة العجوز كثيرا، كما أنه احتفى بالدورة السبعين لتأسيس المهرجان الأهم والأكثر شهرة في العالم، من هنا تميزت أماسي وحفلات المهرجان ببذخ شديد، ودعي إليها حائزو "السعفة الذهبية" السابقين، وأشهر فناني السينما الأوروبية، ونجوم "كان" الدائمين. أما جائزة "السعفة الذهبية" فجاءت مرصعة بـ167 ماسة استثنائيا بمناسبة الذكرى السبعين.


وجريا على عادة المسابقة الرسمية للمهرجان اتسمت بأفلام قاتمة الطابع والمضمون، وخضعت لتحكيم لجنة ترأسها السينمائي الإسباني بيدرو المودوفار، وضمت في عضويتها سينمائيين عالميين أشهرهم ويل سميث. وكان عليهم الالتزام بثوابت المهرجان وعدم الجنوح باختياراتهم، لأن "كان" ساهم بمنحه "السعفة الذهبية" لأفلام واعدة، بوضع مخرجين غير معروفين على ساحة السينما العالمية، وحول أفلاما غير معروفة إلى أعمال ذات شهرة تاريخية.

خالفت لجنة التحكيم التوقعات وسجلت مفاجآت عدة، أولاها منح "السعفة الذهبية" إلى فيلم "ذي سكوير" أو (الميدان) للمخرج السويدي روبن أوستلند، وهو عمل كوميدي لاذع يسخر من أوساط الفن والمجتمع الراقي، لكنه لا يخلو من الرسائل السياسية. وهو من الأعمال القليلة التي أثارت الضحك بين الحضور، وأراد أوستلند التنديد من خلال التهكم بالنفاق البشري وتخاذل الأثرياء والمثقفين حيال المهاجرين واللاجئين والمشردين. وسبق لأوستلند نيل جائزة تحكيم فئة "نظرة ما" عن فيلم "سنو ثيرابي" العام 2014. لكنها المرة الأولى التي تنال فيها السويد "السعفة الذهبية".

أما الفيلم الفرنسي "120 باتمان بار مينوت" أو ( 120 ضربة في الدقيقة) لروبين كامبيلو الذي كان أوفر حظا للفوز، فمنحته اللجنة "الجائزة الكبرى" ثاني أهم جوائز المهرجان، وهو يناقش نضال جمعية "آكت آب" في بداية انتشار مرض الإيدز. وقال المخرج لدى تسلمه الجائزة: "كانت مغامرة جماعية. نصبح أكبر وأقوى عندما نتحد".

وفي مفاجأة أخرى، نالت الأمريكية صوفيا كوبولا جائزة الإخراج عن فيلم "ذي بيغلد" أو (المغشوش) مع أنه قوبل بفتور نقدي وجماهيري، على غير عادة أفلامها. والفيلم إعادة لآخر يحمل العنوان نفسه للمخرج دون سيفيل من بطولة كلينت إيستوود (1971). كما نالت ثلاث نساء أخريات جوائز رئيسية هذه الدورة وهو أمر غير مسبوق.

وبمناسبة الدورة السبعين لمهرجان "كان" منحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة إلى نجمة هوليوود نيكول كيدمان المشاركة بفيلمين في المسابقة الرسمية، فضلا عن فيلم ثالث خارج المسابقة وحلقة من مسلسل تليفزيوني لتصبح نجمة "كان" بلا منازع. بينما فازت الألمانية دايان كروغر بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "إن ذي فايد" أو (نحو التلاشي) للمخرج التركي الألماني فاتح أكين. وتلعب الممثلة الشقراء في الفيلم دور زوجة تنتقم لمقتل زوجها التركي وابنها البالغ السادسة في هجوم إرهابي بقنبلة.. وأبدت كروغر تأثرا شديدا عند استلام الجائزة، وأهدتها إلى ضحايا الإرهاب وذويهم، وتعد تلك أول جائزة تنالها ممثلة ألمانية في "كان" منذ العام 1986.

فيما فاز الأمريكي جواكين فينيكس بجائزة أفضل ممثل عن فيلم "يو وير نيفير ريلي هير" ويؤدي فيه دور مقاتل سابق في العراق عنيف جدا وصامت يتولى مهمة تخليص مراهقة من شبكة دعارة. 
ونال الروسي أندري زفياغينتسيف جائزة لجنة التحكيم عن فيلم "لوفليس" (بلا حب)، الذي يعكس صورة عنيفة لمجتمع روسي فقد الطابع الإنساني، عبر قصة طفل يختفي بعدما سئم من شجار والديه اللذين يسعيان للطلاق ولا أحد منهما يريد حضانته.

بينما ذهبت جائزة فئة "نظرة ما" إلى فيلم "رجل نزيه" للمخرج الإيراني المعارض محمد رسولوف، ويحمل فيه على الفساد في بلاده. عبر قصة رضا الذي يعيش حياة بسيطة، ويقرر محاربة فساد شركة خاصة تدفع الناس إلى بيع ممتلكاتهم، وهي تمثل نموذجا مصغرا لإيران. وقد تمكن المخرج من استلام جائزته، بعدما تعذر عليه القدوم لتسلم جائزة الإخراج في الفئة نفسها العام 2011 عن فيلم "إلى اللقاء" لأنه كان موضوعا في الإقامة الجبرية. وفي الفئة ذاتها شاركت المخرجة التونسية كوثر بن هنية بفيلم "على كف عفريت" فنالت عنه جائزة الإبداع الصوتي. وأخيرا تميزت النجمة الإيطالية مونيكا بيلوتشي في تقديم حفلي الافتتاح والختام، لتثبت مجددا أنها "معلمة" في استضافة المناسبات الفنية الكبرى. وبهذا تصبح الدورة السبعين من "كان" سياسية نسائية بامتياز.

الجريدة الرسمية