الدكتورة فاطمة عبد الحميد تكتب: عناد طفلك مسئوليتك
هل تعاني من تمرد أطفالك وعدم انصياعهم لأوامرك؟، هل تنزعج إذا تجاهلك طفلك عندما تطلب منه أن يحضر شيئا أو يرتب ألعابه أو يقوم بتغيير ملابسه وكأنه لم يسمعك؟
بالتأكيد كلنا نتمنى هذا الطفل المثالي المطيع، الذي لا يقول سوى حاضر ونعم!! والذي في الأغلب ليس له وجود على أرض الواقع، فطبيعة الطفل، بل لنقل طبيعة النفس البشرية بشكل عام لا تحب الأوامر وخاصة عندما تكون متكررة ومتتالية.
إذا تأملت علاقتك بطفلك ستجد أنها أغلب الوقت تدور حول مجموعة من الأوامر والتوجيهات: اغسل أسنانك، رتب سريرك، ارتدي ملابسك، تناول فطورك، قم بواجباتك، أغلق التليفزيون، اذهب للنوم.. وهكذا
والغريب أننا نتعجب، بل نغضب في النهاية ونتهم أطفالنا باللامبالاة والعند، ونطالبهم بالتغيير نحو الأفضل ونتوقع منهم نتيجة أو سلوكا إيجابيا مختلف على الرغم من أننا نصرّ على استخدام نفس الوسيلة الفاشلة وهي توجيه الأوامر المباشرة مع كل موقف!
ماذا تفعل الأوامر في المخ؟
عندما تخبر شخصا بما يجب عليه فعله فكأنك ترسل إشارة للمخ بأنه ليس عليه القيام بعبء التفكير أو حتى الملاحظة فقد قمت بذلك نيابة عنه! فطفلك الصغير أبدا لن ينتبه إلى الفوضى الموجودة في غرفته، أو أنه لم ينه واجباته المدرسية أو أنه قد تأخر على موعد التمرين طالما أنت تقوم بدور المنبه طوال الوقت، إذن فكيف أطلب أو أوجّه دون استخدام صيغة الأمر؟.
الأسئلة بدل الأوامر:
الأسئلة بدل الأوامر:
نعم ستندهش من النتيجة لأنك قمت بتحفيز العقل على مهمتين رئيسيتين: الملاحظة والتفكير، وبالتالي فقد دفعت طفلك ليشارك بشكل ما في مواجهة المواقف ويبحث بنفسه عن الحلول، ويتحمل قدر من المسئولية عن نتائج أفعاله وتصرفاته.
مواقف يومية:
الأمر: يجب أن تنهي واجباتك المدرسية.
السؤال: أرى أنك لم تنته بعد من واجباتك المنزلية ولم يتبق سوى ساعة واحدة على النوم، فما هي خطتك؟
الأمر: ضع الأطباق في المطبخ أو غسالة الصحون بعد أن تنتهي من الأكل.
السؤال: ماذا نفعل عندما ننتهي من تناول الطعام؟
الأمر: اغسل أسنانك قبل النوم.
السؤال: ماذا علينا أن نفعل حتى نحافظ على الأسنان من التسوس؟
الأمر: البس الجاكيت.
السؤال: ما الذي تحتاجه حتى لا نشعر بالبرد عندما نذهب للخارج؟
الأمر: عليك أن تنهي مهامك وواجباتك المنزلية قبل الذهاب لصديقك.
السؤال: نعم يمكنك زيارة صديقك ولكن هناك بعض المهام التي نحتاج الانتهاء منها أولا، هل تتذكر ما هي؟
عادة السؤال بـ(ماذا) أو (كيف) أفضل من استخدام أداة الاستفهام (لماذا)؛ لأنها تضع الطفل في موقف الدفاع عن نفسه وكأنه متهم، يحاول أن يجد المبررات الكافية لتقصيره وأفعاله السلبية.
لماذا الأسئلة؟
هذه الأداة الفعّالة من أدوات التربية الإيجابية، تخلق جوا من التواصل الإيجابي والأخذ والرد في الحوار بين الوالدين والطفل، على عكس الأوامر التي تعتمد على طرف واحد فقط (الأب أو الأم) يأمر وينهى ويوجه ويقوّم، وطرف آخر سلبي (الطفل) يقوم بدور المستمع دون حق إبداء الرأي أو النقاش أو الاعتراض وإلا سيُتّهم بأنه غير مهذب، ويتم نعته بصفات مثل أنت عنيد، أنت لا تحترم الكبير، أنت غير مطيع.. وغيرها من الأحكام المسبقة والتي مع تكرارها تترسخ داخل الطفل ويصدق فعلا أنه بهذا السوء.
وفي حالات أخرى يتم مقارنة الطفل بالآخرين، أنت لا تسمع الكلام مثل أخوك، أنت متعب جدا بعكس أخيك، أنت مختلف عن أصحابك في المدرسة.
تذكر.. توجيه الأسئلة بدل الأوامر مسألة سهلة للغاية ولا تحتاج منك سوى التدريب والتفكير لثوانٍ معدودة قبل الحديث مع الطفل، وانتقاء الأسلوب والكلمات التحفيزية.