انصر المظلومين يا ريس!
رن جرس التليفون لم أسمع إلا بكاءً شديدًا اعتقدت أنه اتصال خطأ، وقبل إنهاء المكالمة سمعت سيدة تقول أنا مدام هدى وبحاول الوصول إليك منذ قرأت مقالك "تصحير الصحراء" حتى أحكيلك مأساتي:
"لقد أنفقت كل ما أملك من سنوات العمر والأموال والصحة والمجهود في استصلاح قطعة أرض بمنطقة وادي النطرون 11 عامًا استغنيت فيها عن متع الدنيا أعمل ليلا ونهارا حتى زرعت وأنتجت وصدرت، ثم توسعت بتربية الماشية والأغنام، وحينما شاهدت أحلامي تتحقق لم أشعر بمتاعب السنين، فقد أنتجت لبلدي وسوف أترك لأولادي ما يغنيهم عن ذل السؤال، ولكن فجأة كل أحلامي ضاعت ومعها شقا عمري وأنا أشاهد بعيني الجرافات والبلدوزرات تدمر الزراعة والماشية وآبار المياه، تمنيت الموت قبل هذا المشهد بل تمنيت الشهادة في أتوبيس المنيا مع أشقائي الأقباط برصاص الإرهاب الغادر حتى أرتاح من الدنيا، لقد لجأت لكل أجهزة الدولة ونشرت استغاثة مدفوعة الأجر في الصحف ولا مجيب"..
انتهت المكالمة ولم أجد ما أقوله لهذه السيدة المكلومة سوى أن تصبر وترمي همومها على خالقها، ووعدتها بنشر مظلمتها لعلها تصل لرئيس الجمهورية لأننا فقدنا الأمل فيما سواه..
سيدي الرئيس:
بحق هذا الشهر الكريم انصر "هدى" وكل المظلومين مثلها لأن دعواتهم سوف تكون سببًا لسعادتك في الدنيا والآخرة، "هدى" هي نموذج لآلاف بل لملايين المواطنين تعرضوا للظلم بسبب قرارات الإزالة العشوائية، التي لم تفرق بين الظالم والمظلوم والصالح والفاسد والقانوني والمغتصب، ساوت بين واضع يده على مائة متر وفدان وخمسة وبين ناهب آلاف الأفدنة وصقعها أو حولها لمنتجعات سياحية وسكنية..
سيدي الرئيس:
يجب محاسبة المسئولين قبل إقالتهم لأنهم ظلموا رعيتك باسمك، ونفذوا تعليماتك بجهل، واستغلوها في غير موضعها، وبعضهم سوف يقدم لك في كشف إنجازاته يوم الأربعاء القادم أنه هدم مؤسسات عامة وأملاك الغلابة حتى يزيد حصيلته أمامكم، بينما الدولة هي الجاني الحقيقي في هذه القضية، فوضع اليد كان بموافقتها، أما الاستيلاء على الأراضي كان تحت سمع وبصر وتواطؤ وفساد مسئوليها لدرجة أنهم رفضوا حتى رغبات المواطنين لتقنين أوضاعهم حتى تستمر سبوبة الرشاوى، وهي حاليا تعالج الخطأ بخطيئة أشد، سوف تزيد من الاحتقان في المجتمع في ظروف صعبة تتطلب منا التكاتف حتى ننجو ببلدنا..
سيدي الرئيس:
ما هو الهدف من الإزالات العشوائية؟ هل جمع الأموال وإعادة هيبة الدولة؟ إذا كان الأمر كذلك فهو سهل وبسيط بدون كل هذه الضجة التي تؤثر سلبًا فى الاستثمار وسمعة مصر، يتم تقنين الأرض لواضعي اليد وتسحب منهم لو رفضوا سداد ثمنها كما يجب التفرقة بين من أخذ أرضا صحراوية واستصلحها وزرعها وأثمرت فهذا يستحق الدعم والتكريم حتى لو كان مغتصبًا لأنه أفضل من الذي حصل على الأرض بالطرق القانونية ولم يستغلها، زارع الصحراء أشرف من مافيا الاستيراد وسماسرة القروض والصفقات المشبوهة، فالزراعة عمل منتج وشريف وشاق جدا، فهل ندفع الناس للابتعاد عن الإنتاج والعمل الجاد للسمسرة وإنشاء الكافيهات ومحال الموبايل والسلع الاستهلاكية وشراء التكاتك فهي أسهل وأربح؟ لماذا تبذل الحكومة كل جهدها وتفكيرها في 5% عمارا وتهمل 95% الصحراء الجرداء؟ لماذا لا تمنح الأرض مجانًا للجادين لتعميرها؟ فليس لدينا أزمة أراض ولكن لدينا أزمة اقتصادية طاحنة.
سيدي الرئيس:
لماذا تحمل نفسك فوق طاقتها وتصبر على القيادات الفاشلة ومصر تخوض معركة على كل الأصعدة، تحتاج لحكومة حرب وفدائيين يتحملون معك المسئولية ويتقون الله في الوطن والمواطنين.
سيدي الرئيس:
الناس تحتاج إلى من يسمع شكواها، والأهم أن يحلها حتى لا يضطرون إلى أخذ حقوقهم بأيديهم أو يلجئون إلى وسائل إعلام معادية للتعبير عن همومهم ومظالمهم، أتمنى أن أكون وفقت في توصيل مظلمة السيدة الفاضلة "هدى" وغيرها إلى رئيس الجمهورية، وإلى الأجهزة المحترمة في البلد، كما أتمنى رفع الظلم عنهم فدعاؤهم مستجاب ساعة الإفطار في هذا الشهر الكريم.. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.
egypt1967@yahoo.com