رئيس التحرير
عصام كامل

الإدارية تلزم الداخلية برفع اسم طفل متهم بسرقة فاكهة من السجل الجنائي

فيتو

قضت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى فحص الطعون برئاسة المستشار أحمد الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة، برفض الطعن المقام من وزارة الداخلية على حكم القضاء الإدارى بإلغاء قرار الداخلية بتسجيل طفل عمره 14 عاما والذي استمر معه 15 عامًا أخرى بسبب اتهامه بسرقة بعض فاكهة وألزمت الداخلية المصروفات.


وقالت المحكمة في أسباب حكمها برئاسة المستشار أحمد الشاذلى، وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، وسامى درويش أن المشرع الدستورى جعل من سيادة القانون أساسًا للحكم في الدولة التي أخضعها للقانون، وأن العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، وأن الأصل في الإنسان البراءة ولا يجوز نقض هذه البراءة إلا من خلال القانون وبحكم قضائي تكفل فيه للمتهم كافة ضمانات الدفاع عن نفسه، ونص المشرع على انقضاء الدعوى بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائى بالبراءة أو بالإدانة.

وأضافت المحكمة إذا كان المشرع اختص هيئة الشرطة بالمحافظة على النظام العام والأمن العام والآداب العامة وناط بها العمل على منع وقوع الجرائم وضبط مرتكبيها وتقديمهم للعدالة صونًا للمجتمع وحفاظًا على المصلحة العامة الأمر الذي يجيز لها أن تتخذ من الإجراءات والتدابير ما يكفل تحقيق ذلك وحفظ الأمن وتعقب الخارجين عليه والساعين إلى تكدير النظام العام، وأن تتخذ من الإجراءات ما ييسر لها سرعة التعرف على من اعتاد ارتكاب جرائم بعينها ومن تخصص في سلوك إجرامي بذاته أو نشاط جنائي بعينه بحيث يكون لها تسجيل هؤلاء في سجلات محددة وترصد بياناتهم وما يتعلق بالجرائم التي ثبتت في حقهم على أجهزة الحاسب الآلي الخاصة بها، إلا أنها في هذا السبيل لا يجوز لها التضحية بأصل البراءة المشار إليه الذي تكفله القواعد الدستورية ولا يقبل منها أن تشوه الأهداف المرجوة من تلك التدابير بإساءة استخدامها أو بالانحراف عن أغراضها إذ لا يكفى أن يكفل للمواطنين حرية أو حق ما دون وسائل إجرائية مشروعة ملزمة تصونه ويكون اتباعها ملزمًا واحترامها واجبًا.

وتابعت المحكمة أنه يتعين على وزارة الداخلية أن تناغم بميزان دقيق بين حقها في اتخاذ إجراءات المحافظة على النظام العام بعناصره الثلاثة الأمن والصحة والسكينة، وبين حقوق المواطن وحرياته وفى مقدمة ذلك أصل البراءة المفترض في كل إنسان فلا تجرى ذلك التسجيل الجنائي لشخص بريء لم يحكم القضاء بإدانته، ولا أن تجعل مجرد الاتهام أصلًا يستوجب التسجيل رغم أنه لم يحرر ضد المواطن عن الواقعة المنسوبة إليه إلا مجرد محضر وحفظ بعد ذلك أو تقرر عدم إقامة الدعوى الجنائية عنه أو قدم عنه لساحة القضاء وبرأه مما ورد فيه.

واختتمت المحكمة أن المطعون ضده إبان أن كان طفلًا يبلغ عمره 14 سنة و10 شهور و4 أيام نُسب إليه مع آخرين في القضية رقم 4 لسنة 2003 أنه في 5/8/2002 بدائرة الباجور بمحافظة المنوفية سرقة بعض الفاكهة المملوكة لأحد المواطنين وقضت محكمة أحداث شبين الكوم بجلسة 24/3/2003 ببراءته وجاء بحيثيات حكم البراءة أن هذا الاتهام جاء مرسلًا من ثمة دليل فضلًا عن الأوراق خلت من ثمة شاهد يشهد بذلك وعدم توصل التحريات إلى صحة الواقعة بشأنه وأن المواطن الذي اتهمه قرر أمام تلك المحكمة أنه أسرع في اتهامه وأنه لا يتهمه بسرقة الفاكهة مما قضت معه المحكمة ببراءته مما هو منسوب إليه.

وعلى هذا النحو فإن المطعون ضده لم تثبت إدانته في القضية المذكورة ويكون إدراج اسمه ضمن المسجلين جنائيًا باعتباره متهمًا في تلك القضية الذي ظل معه حتى أصبح محاميًا إنما يخالف الواقع ويخل بحقه الدستوري في التمتع بأصل البراءة التي حصل عليها وطالما لم يثبت إدانتها بحكم قضائي، كما أن استمرار تسجيل اسمه على الوجه المشار إليه يجعله محل شبهة من جانب جهة الإدارة القائمة على الأمن العام على وجه ينال من حريته الشخصية ويؤثر على سمعته ومستقبله وأقاربه وذويه، ويتعين محوه من السجل حتى لا يظل سيف الاتهام عن تلك القضية عالقًا به إلى ما لا نهاية مما يخالف الفطرة السليمة للإنسان.
الجريدة الرسمية