رئيس التحرير
عصام كامل

«مخاوف من موجات غلاء جديدة تهدد السوق بالركود».. أستاذ اقتصاد: أستنكر الطاعة العمياء لصندوق النقد الدولي.. خبير: المشترون يتجهون لتخفيض الاستهلاك.. و«المستثمرون العرب»: قرار زيادة

الدكتور رشاد عبده
الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي

أعرب خبراء الاقتصاد عن قلقهم جراء تعرض السوق المصري لموجة كساد وركود بعد موجات متتالية واجهها في الفترات الماضية، من غلاء لا يناسب ضعف الأجور، مما أدي إلى حرمان المواطن من الحصول على السلع التي يحتاجها، والاكتفاء بمشاهدتها بالأسواق فقط، كما رأي مجتمع الأعمال المصري أن الكساد يضرب الاستثمارات أيضا في مقتل ويحول مصر لبيئة طاردة لها، متوقعين أنه حال استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي ذلك إلى إغلاق المصانع وتسريح العمالة.



فشل صندوق النقد
قال الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات السياسية والاقتصادية: «إن صندوق النقد الدولي لم ينجح في تشخيص الوضع الاقتصادي في مصر، إذ أرجع الأزمة الاقتصادية لارتفاع معدلات التضخم، وهو أمر غير دقيق، وزاد الطين بلة بوصف علاجات خاطئة في مقدمتها رفع سعر الفائدة بالبنوك»، منوها بأن خضوع الدولة لمقترحات الصندوق يزيد الأوضاع تدهورا ويرفع معدلات التضخم والبطالة، كما يضرب الاستثمار في مقتل، فالمستثمرون لا يستطيعون مواكبة الارتفاعات المتتالية لتكلفة الإنتاج.


هروب المستثمرين
وأوضح عبده أن 80% من المشروعات ينفذها القطاع الخاص، وهروب المستثمرين يعني تراجع إيرادات الدولة من الضرائب وانخفاض معدلات التنمية والقدرة على التصدير وبالتالي تراجع العملة الأجنبية وازدياد حدة أزمة سعر الصرف، مشيرا إلى أن فوائد ديون الحكومة بالموازنة الجديدة للدولة تقدر بنحو 380 مليار جنيه وهو يعني زيادة اعباء الحكومة بنحو 40 مليار جنيه مما يزيد عجز الموازنة العامة.


شبح التضخم
وأضاف أستاذ الاقتصاد أننا لا نعاني من التضخم كما يدعي صندوق النقد الدولي الذي يخضع لنظريات جامدة لا تعكس حقيقة الوضع الاقتصادي الراهن في مصر، فمفهوم التضخم مرهون بحالة العرض والطلب، إذ يعني وجود طلب كبير على المنتجات مقابل سيولة بالأسواق، وهو عكس ما يحدث الآن، حيث نعاني من الركود التضخمي، والمستهلك غير قادر على الشراء، وفي الوقت نفسه الأسعار ترتفع بشكل متتال.


أحكام الرقابة
وشدد عبده على أن الحل الأمثل للأزمة الاقتصادية الحالية هو مواجهة أمرين بحسم شديد، أولهما ارتفاع سعر الصرف بزيادة الإنتاج والثاني جشع التجار بإحكام الرقابة على الأسواق، وتحديد هامش ربح لهم، فالأسعار ارتفعت خلال الفترة الماضية بنسبة من 200% إلى 300%، كما أعلنت الدولة نيتها زيادة فاتورة الكهرباء ورفع الدعم عن البنزين خلال يوليو المقبل الأمر الذي يعني موجة جديدة من الغلاء، مستنكرا طاعة البنك المركزي العمياء لصندوق النقد الدولي.


سداد المديونيات
وألمح أستاذ الاقتصاد، إلى أن قرار رفع سعر الفائدة سيضرب الاستثمار غير المباشر ممثلا في البورصة، فمصر مطالبة بسد مديونيات بــ 14 مليار دولار والخاصة بودائع دول الخليج خلال العام المقبل، مشددا على ضرورة اللجوء لأهل الخبرة لوقف التدهور الاقتصادي الحالي، والذي ينتج عنه ارتفاعات جنونية بالأسعار، والتي لم يعد أحد يطيقها حتى من أبناء الطبقة المتوسطة، متوقعا أن تهدد الأسواق بمزيد من الركود التضخمي خلال الفترات المقبلة بسبب وضع حلول غير مناسبة للأزمة، الأمر الذي سيهدد المصانع والاستثمارات القائمة، نتيجة تراجع المستهلك عن الشراء.


خطر الركود
ومن ناحيته، أكد الدكتور مجدي الششتاوي، المستشار الاقتصادي السابق بالولايات المتحدة الأمريكية، أن الركود يهدد الأسواق المصرية حال استمرار موجات الارتفاعات دون تدخل المسئولين، قائلا: "أتوقع توافر السلع بأنواعها في ظل غياب القدرة الشرائية للمواطنين، فسيبدأ المستهلك التركيز على شراء السلع الأساسية فقط، وسيترك مضطرا السلع الأخري التي يمكنه الاستغناء عنها، كما سيلجأ إلى تخفيض الاستهلاك.


ثبات الأجور
وأوضح الششتاوي أن حالة الركود المنتظرة انعكاس طبيعي لارتفاع الأسعار في ظل ثبات الأجور وتدنيها بما لا يتناسب مع الأسعار الموجودة بالأسواق، مطالبا الدولة بالتوقف عن طبع النقود لتغطية الأجور والمرتبات لتأثير ذلك سلبا على معدلات التضخم، لافتا إلى أن الارتفاعات المتتالية للأسعار يعقبها حالة من الركود والكساد، متوقعا أن يؤدي ذلك لمزيد من الخسائر للمستثمر المصري جراء الخسائر التي ستلاحقه بسبب عدم شراء السلع.


البحث عن ربح
وأكد الدكتور شريف الجبلي، رئيس مجلس إدارة شركة أبو زعبل للأسمدة والكيماويات، أن المستثمرين يخشون أن يؤدي الوضع الراهن لحالة ركود بالأسواق، فالكساد التجاري يعني تحول مصر لبيئة طاردة للاستثمارات، والمستثمر بطبعه يبحث عن الربح وليس الخسارة، مطالبا الدولة باتخاذ قرارات من شأنها مواجهة الركود وتشجيع الاستثمارات لما لها من أهمية كبيرة في تحقيق التنمية الاقتصادية ومواجهة البطالة.


واستطرد: إن استمرار الركود يعني إغلاق المصانع وتوقف الإنتاج وتسريح العمالة وكلها أمور تؤثر بالسلب على مناخ الاستثمار وعلي الوضع الاقتصادي ككل، منوها بأن الوضع مثير للقلق على الاستثمارات القائمة والجديدة والكبيرة.


مرحلة صعبة
وعلي الجانب الآخر، قال السفير جمال بيومى أمين عام اتحاد المستثمرين العرب: لا أتوقع كسادا أو ارتفاعا في الأسعار جراء القرارات الأخيرة والتي من ضمنها رفع سعر الفائدة، مؤكدا أن الوضع الاقتصادي المصري يمر بمرحلة شديدة الصعوبة والدولة تواجه ذلك بحسم، والحديث أن قرارات البنك المركزي غير سليمة وستؤدي لارتفاع معدلات التضخم ومن ثم الكساد افتراءات لا تستند لأي أسس اقتصادية علمية، لافتا إلى أن الكل يدعي العلم بالاقتصاد.
 

الحل الأمثل
وأضاف بيومي أن قرار زيادة سعر الفائدة الحل الأمثل لمواجهة التضخم، فالدولة حريصة على مواجهة الوضع الراهن وينبغي دعمها في ذلك، وعدم الانتقاد المستمر لها، على أن تتجه الدولة إلى تشجيع الإنتاج خلال الفترة المقبلة لمواجهة الموجات المتتالية من غلاء الأسعار كخطوة لتحسين المستوي المعيشي للأفراد، متوقعا أن استمرار الحكومة في تنقيذ خطتها الاقتصادية بعيدا عن الانتقادات سيمكن من تجاوز الأزمة الحالية ويعمل تدريجيا على زيادة الإنتاج.
الجريدة الرسمية