رفع الفائدة وأثرها في الاستثمار بعيون خبراء الاقتصاد.. «تقرير»
كسر البنك المركزى المصرى جميع التوقعات ورفع الفائدة على العائد والإقراض بنحو 2% أو ما يعرف اقتصاديًا 200 نقطة أساس وربما هذا القرار في ظاهرة جاء لمحاربة غول ارتفاع الأسعار "التضخم" لكنه في باطنه يطرد الاستثمار وفقًا لخبراء مصرفيين واقتصاديين.
وقررت لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزى، رفع سعر الفائدة على عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع ٢٠٠ نقطة أساس ليصل إلى ١٦.٧٥٪ و١٧.٧٥٪ على التوالى، كما تم رفع سعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع ٢٠٠ نقطة أساس ليصل إلى ١٧.٢٥٪ وزيادة سعر الائتمان والخصم بواقع ٢٠٠ نقطة أساس ليصل إلى ١٧.٢٥٪.
وفى السياق نفسة ما زالت مستويات التضخم تعكس نتيجة الإجراءات الهيكلية التي اتخاذ منذ نوفمبر الماضى، وارتفع التضخم مدفوعا بارتفاعات سعر الصرف وتطبيق ضريبة القيمة المضافة والتخفيض الذي تم في دعم الوقود والكهرباء والزيادات الجمركية على بعض السلع.
وسجلت معدلات التضخم أعلى ارتفاع لها على الإطلاق في أبريل الماضى ليصل إلى 31.46%، ما دفع البنك المركزى إلى رفع أسعار الفائدة بواقع 2%.
وتستعرض اللجنة التقارير والدراسات الاقتصادية والمالية التي تعدها وحدة السياسة النقدية بالبنك المركزي، وتتضمن تلك الدراسات آخر التطورات المحلية والعالمية، وتقدير المخاطر المرتبطة باحتمالات التضخم قبل اتخاذ قرار أسعار العائد.
ويخضع قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد رقم 88 لسنة 2003 للبنك المركزي المصري والسياسة النقدية، وينص القانون على أن استقرار الأسعار هدف رئيسي للسياسة النقدية ويتقدم على غيره من الأهداف، وبناءً عليه يلتزم البنك المركزي، في المدى المتوسط، بتحقيق معدلات منخفضة للتضخم تسهم في بناء الثقة، وخلق بيئة مناسبة لتحفيز الاستثمار والنمو الاقتصادي.
من جانبه قال مصدر مصرفى بارز في تصريحات خاصة لـــ "فيتو"، إن قرار رفع الفائدة جاء عقب دراسة وافية ودقيقة لمجريات السوق المصرية وحركة الاقتصاد ككل، مشيرا إلى أن لجنة السياسة النقدية رأت أن رفع الفائدة 2% مناسب لمعدلات التضخم التي ارتفعت بنسبة كبيرة خلال شهر أبريل الماضى.
وأضاف المصدر أن تداعيات الاقتصاد وجبت رفع الفائدة ونحن نظرنا للوضع الاقتصادى ككل وليس فئة دون الأخرى وقمنا بدورنا كاملا، مشيرا إلى أنه من الممكن خفض أسعار الفائدة خلال 40 يوما المقبلة موعد انعقاد لجنة السياسة النقدية القادمة حال تراجع معدلات التضخم وهو ما نسعى إليه في الفترة المقبلة لكبح جماح ارتفاع الأسعار والسيطرة على السوق.
وأشار إلى أن تراجع معدلات التضخم سيكون دافعا لخفض أسعار الفائدة، متوقعا تراجع الأسعار نتيجة الدراسات والتوقعات بخفض سعر الدولار الأمريكى بالبنوك خلال الفترة المقبلة خاصة عقب زيادة التدفقات النقدية على البنوك وتراجع الطلب على الدولار.
من جانبه قال هانى أبوالفتوح، الخبير المصرفى أن قرار رفع الفائدة سيكون له تداعيات على قطاعات متعددة وتلك التداعيات تتلخص في زيادة الدين العام، حيث ترتفع تكلفة إقراض الحكومة من البنوك عن طريق أدوات الدين الحكومية لسد العجز في الموازنة العامة للدولة، والمعروف أن الحكومة هي أكبر مقترض.
وتابع أبوالفتوح أن القرار سيكون طاردا للاستثمار من حيث ارتفاع تكلفة الاستثمارات الخاصة مما يدفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الأوعية الادخارية في البنوك بدلا من توجيهها للمشاريع الاستثمارية، بالإضافة إلى رفع تكلفة الاقتراض وتدبير الاحتياجات التمويلية مما يؤدى إلى تحميل المستهلك بتلك الزيادات.
وأضاف أن ذلك يؤدى إلى كساد ناتج عن عدم مرونة العرض مع الطلب وخصوصا في السلع التي يمكن الاستغناء عنها أو اللجوء إلى بدائل أخرى، بالإضافة إلى التأثير على التداول في البورصة، حيث إن المستثمر قد يفضل اللجوء إلى استثمار أمواله في أوعية ادخارية مصرفية بعائد أكبر ومخاطر أقل، بالإضافة إلى تباطؤ سوق العقارات في ضوء ارتفاع تكاليف الإنشاءات.
من جانبه قال الخبير المصرفى محمد عبدالعال، إن لجوء البنك المركزى إلى رفع الفائدة بمقدار ٢٪ دفعة واحدة، يثير علامات استفهام على تداعيات هذا القرار على ارتفاع كلفة التمويل وأسعار السلع للمستهلك النهائى، ومن ثم بدلا من أن تحاصر السياسة النقدية الضغوط التضخمية سيحدث العكس.
وأشار الخبير المصرفى إلى أنه مع التعمق في القرار يمكن امتصاص الارتفاع المحتمل في كلّف التمويل وأسعار المنتج النهائى عن طريق مصادر ثلاثة محتملة، الأول حينما يرتفع الجنيه المصرى تدريجيا بمقدار جنيهين فقط في المستقبل غير البعيد، سيعوض ذلك المقترضين عن ارتفاع كلفة الاقتراض، ومن ناحية أخرى انخفاض قيمة الدولار الجمركى سينعكس أيضًا على تكلفة استيراد مستلزمات الإنتاج وبالتالي أسعار السلع للمستهلك النهائى.
واستطرد أن المصدر الثانى يعتمد على أن رفع سعر الفائدة سيعوض شريحة كبيرة جدًا من القطاع العائلى نتيجة زيادة إيراداتها المتحصلة من ودائعهم لدى البنوك، بالإضافة إلى أنه سيخفف من عبء تكلفة الاقتراض والتمويل الناتج من الارتفاع الجديدة لسعر الفائدة ما تقدمه المصارف من تمويل لقطاعات الصناعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بفائدة رمزية لا تزيد على ٥ ٪.
من جانبه قال الخبير المصرفى هانى عادل، إن القرار له أثر سلبى فى الاستثمار بمصر وسيكون لرفع الفائدة 2% دور كبير في ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة خلال يونيو المقبل، متوقعًا أن يتراجع البنك المركزى عن قراره في جلسة السياسة النقدية المقررة بعد 40 يوما من آخر جلسة تم عقدها وذلك في ضوء المعطيات الاقتصادية التي تشير إلى تراجع سعر الدولار بالبنوك في الفترة المقبلة بالتزامن مع عطلات المصريين العاملين بالخارج.