رئيس التحرير
عصام كامل

البنك المركزي يواجه التضخم برفع الفائدة 2%.. مصرفي: القرار جاء مخالفا للتوقعات بسبب تحسن عدة مؤشرات اقتصادية.. واستمرار طرح شهادات الادخار ذات العائد المرتفع بدون تغيير.. ومخاوف من زيادة الدين العام

البنك المركزي
البنك المركزي

فاجأ البنك المركزي المصري السوق أمس الأحد بقرار رفع أسعار الفائدة على الأوعية الادخارية بواقع 200 نقطة أساس "أي 2%" في اجتماع لجنة السياسة النقدية الذي استمر أكثر من 10 ساعات متواصلة.


قال هاني أبو الفتوح الخبير المصرفي، إن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي خالفت جميع التوقعات، وقررت رفع أسعار العائد على الإيداع والإقراض ليلة واحدة، بواقع 200 نقطة أساس لتصبح 16.75% و17.75%.

وأضاف أبو الفتوح، أن القرار جاء مخالفًا للتوقعات بسبب التحسن الذي طرأ على عدة مؤشرات اقتصادية منها انخفاض مستوى التضخم الشهري ومعدلات البطالة، وتحسن معدل النمو الاقتصادي خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي.

وأوضح أن القرار جاء منسجمًا مع توجيهات صندوق النقد الدولي للبنك المركزي بضرورة استخدام أدواته لكبح مستوى التضخم الذي يُعد الأعلى في الأسواق الناشئة، وذلك عن طريق رفع أسعار الفائدة.

أسباب التضخم
وتابع أبو الفتوح: "اتفق مع الآراء التي تُفسِّر أن أسباب التضخم تعود إلى تحرير سعر الصرف وتطبيق ضريبة القيمة المضافة وتخفيض دعم الطاقة والزيادة الجمركية لبعض السلع، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج، وبالتالي حدوث ارتفاع الأسعار في الأسواق، وتزيد معاناة المواطن بسبب استغلال بعض التجار والحرفيين وأصحاب المهن ورفع الأسعار بدون رقابة كافية من الدولة، مع ملاحظة أنه من الناحية العملية يد القانون لا تستطيع أن تراقب كافة مناحي الأنشطة سواء الرسمية أو التي تندرج تحت اقتصاد الظل".

وأوضح أنه يتفق أيضا مع التفسير الذي يرى أن رفع سعر الفائدة وحده لن يكون كافيًا للتحكم في مستوى التضخم، لأن التضخم في مصر لا يرتبط بفائض السيولة في المجتمع في ظل تراجع أو ثبات الاستهلاك، والدليل على ذلك عندما رفع البنك المركزي سعر الفائدة بنسبة 3% استمر التضخم في الصعود حتى تجاوز مستوى 30%.

قطاعات متعددة
وأكد أبو الفتوح، أن القرار سيكون له انعكاسات مباشرة وغير مباشرة تتحملها قطاعات متعددة وفي النهاية سيتأثر بها المواطن، وتتلخص انعكاسات القرار في زيادة الدين العام، حيث ترتفع تكلفة إقراض الحكومة من البنوك عن طريق أدوات الدين الحكومية لسد العجز في الموازنة العامة للدولة، والمعروف أن الحكومة هي أكبر مقترض، وارتفاع تكلفة الاستثمارات الخاصة مما يدفع المستثمرين إلى اللجوء إلى الأوعية الادخارية في البنوك بدلا من توجيهها للمشاريع الاستثمارية.

وأوضح أن القرار سيؤدي إلى رفع تكلفة الاقتراض وتدبير الاحتياجات التمويلية مما يؤدي إلى تحميل المستهلك بتلك الزيادات، بالإضافة إلى كساد ناتج عن عدم مرونة العرض مع الطلب وخصوصًا في السلع التي يمكن الاستغناء عنها أو اللجوء إلى بدائل أخرى لها تأثير على التداول في البورصة، حيث إن المستثمر يُفضِّل اللجوء إلى استثمار أمواله في أوعية ادخارية مصرفية بعائد أكبر ومخاطر أقل، وتباطؤ في سوق العقارات في ضوء ارتفاع تكاليف الإنشاءات.

طرح الشهادات
من جانبها أكدت مصادر مصرفية عدم تحريك سعر الفائدة لدى بنوك "الأهلي المصري ومصر والقاهرة"، الخاصة بشهادات الادخار ذات العائد المرتفع.

وكانت البنوك الثلاثة الكبرى أعلنت في الثالث من نوفمبر الماضى إصدار شهادتى ادخار ذات العائد ١٦٪ و٢٠٪ وما زالت مستمرة حتى الآن.

وأضاف المصادر أن الشهادات مستمرة حتى الآن بنفس العائد ولا نية لتحريكها، لافتة إلى أن هناك تحريكا للعائد على الإيداع.

مواجهة التضخم
قال هاني عادل، الخبير المصرفي: إن البنك المركزي المصري فاجأ السوق أمس بزيادة معدلات الفائدة بمقدار ٢%، مشيرًا إلى أن تلك الزيادة تدخل ضمن توجيهات صندوق النقد الدولي بضرورة خفض معدلات التضخم.

وأضاف أن الخطوة تهدف لكبح جماح التضخم وهو ما لن يحدث نظرا لأن معدلات الفوائد المرتفعة ستنعكس سلبا على تكلفة التمويل مما سينعكس كذلك على السعر النهائي للمنتج فضلا عن تأثيره السلبي على الاستثمار في سوق الأوراق المالية التي من المتوقع أن تشهد حالة ركود، مشيرا إلى أن ارتفاع تكلفة الودائع لتلك المستويات القياسية سينعكس بالسلب كذلك على تكلفة الدين العام الداخلي.

أسبوع الشمول المالى
وألمح الخبير المصرفي إلى أن البيانات التي تلقاها المركزي من البنوك خلال أسبوع الشمول المالي كان لها أثر على قرار المركزي برفع معدلات الفائدة كخطوة تحفيزية للمودعين لضخ مزيد من الإيداعات في القطاع المصرفي والاستفادة من معدلات الفوائد المرتفعة للغاية، وفي تلك الحالة فإن زيادة معدلات الفائدة على هذا النحو قد تكون للمدى القصير جدا على أن يتم خفضه مجددا في الاجتماع المقبل للجنة السياسات النقدية.

وتابع: "رغم كل التكهنات والتحليلات إلا أنه في غياب مبررات أو حيثيات قرار المركزي فإنها يصعب الوصول لحقيقة الهدف المرجو من زيادة معدلات الفوائد".
الجريدة الرسمية