يوسف زيدان: صلاح الدين قتل خمسين ألفا من المسلمين وداعش يقتدى به
أجاب الكاتب يوسف زيدان، عن السؤال الذي طرحه مسبقا عن عدد قلتى صلاح الدين الأيوبي حين زحف بجيشه إلى حُمُّص وحماة.
وجاءت اجابة زيدان عبر حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" على النحو التالى:
عندما ظهرت "داعش" في سوريا، أعلنت الخلافة الإسلامية وشعار: تحرير القدس.. ثم اجتاحت العراق كأنهم لا يعرفون الجغرافيا ومواضع المدن والبلاد، وحين قيل لهم ذلك، أجابوا بالإجابة النمطية التي سمعناها من "المقاتلة" في ليبيا و"بوكو حرام" في نيجيريا و"حماس" في فلسطين: لابد من توحيد البلاد تحت سُلطتنا أولًا، ثم الزحف إلى القدس، مثلما فعل صلاح الدين الأيوبي.
و البهتانُ في هذه الحُجة مفضوحٌ فاضح، ويستغل غباء العوام ومشاعر الجمهور المتعصّب، كوسيلة للحصول على السلطة والمكاسب السهلة بذبح الناس المسالمين وترويع الآمنين، وصاحب الحجة الأصلي كاذب، لأن كثيرين قبل صلاح الدين تصدّوا للحملات الصليبية، وكثيرون بعده فعلوا ذلك، من دون الابتداء بتوسيع أملاكهم وبسط سلطانهم.
قاتل السلطانُ نور الدين وأبيه من قبله، الصليبيين، دون أن ينازع سلطة الخليفة العباسي (السني) أو الخليفة الفاطمي (الشيعي)،و من بعد صلاح الدين بمائة عامٍ، قام المنصور قلاوون بقتال الصليبيين حتى رحلوا تمامًا عن بلادنا، من دون أن يبدأ بتوسيع سلطانه السياسي وزيادة مساحة مملكته.
زحف صلاح الدين بجيشه الإسلامي السُّني، لقتال الجيش الإسلامي السُّني في حلب وما حولها، ليضم آخر ممتلكات الزنكيين الذين انقلب عليهم وابتلع منهم سابقًا "دمشق".
وبعد خمس سنوات من استيلائه على حلب، اضطر لمحاربة الصليبيين ثم تصالح معهم على القدس ثم منحهم مساحات واسعة على شواطئ فلسطين والشام الكبير، ليستعد لقتال الخليفة العباسي الذي سعي لخلع صلاح الدين وأسرته عن عرش مصر والشام، لأنه تواطأ مع الصليبيين ولم يضم جيشه لجيش الخلافة العباسية الذي كان يستعد للزحف إلى فلسطين لتحريرها من قبضة الصليبيين.
كم عدد القتلى المسلمين السنة، الذين دفعوا حياتهم ثمنًا لاستيلاء صلاح الدين على حلب وما حولها ؟ ليس لدينا بيانٌ صريح، مع أن جميع مؤرخينا ذكروا أنها كانت حربًا عنيفةً مشؤومةً ( ورد خبرها في: الكامل لابن الأثير، سير أعلام النبلاء وتاريخ الإسلام للذهبي، شذرات الذهب لابن العماد، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي.. ناهيك عن المقريزي والقاضي الفاضل وابن شداد ) وكان ابن شداد، المؤرخ الخاص لصلاح الدين، من شهود العيان على هذه الحرب، وقد اكتفي بقوله إنها: كانت مقتلة عظيمة.
و إذا عرفنا أن الذين قتلهم صلاح الدين في القاهرة، لأنهم رفضوا انقلابه على الخليفة الفاطمي، كانوا بحسب أقل تقدير "خمسين ألف مسلم" وبحسب ما قاله الذهبي "مائتا ألفٍ قُتل معظمهم"، واكتفي ابن شداد بقوله: قُتل خلقٌ كثير، يمكن في هذه الحالة أن نقدّر كم ضحايا حرب صلاح الدين في حلب، ونقبل ما يقال من أنهم كانوا ستين ألف شخص مسلم سُنّي، من بينهم الأخ الأصغر لصلاح الدين الذي كان اسمه "تاج الملوك".
و في السؤال التالي، دليلٌ آخر على تلك الحقارات التي لا حصر لها.. فلنستكمل الأسئلة والأجوبة، وبالله التوفيق.