رئيس التحرير
عصام كامل

نحتاج تدخلا رئاسيا


من المؤكد أن إشادة الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال حواره مع رؤساء تحرير الصحف القومية بالمهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، أسعدته كثيرًا ولكنها في الوقت نفسه أغضبت غالبية المصريين، حيث أعطت إشارة واضحة لا تحتمل اللبس إلى أن رئيس الوزراء مستمر في موقعه فترة ليست بالقصيرة، فلا يعقل أن يشيد به الرئيس اليوم ويشكره غدًا، فهو مستمر في مهمته، ومعنى هذا الاستمرار أن المواطن سيعانى فترة جديدة من ارتفاع الأسعار وغياب رقابة الأسواق..


ربما يكون المهندس شريف إسماعيل بريئًا وأنه لا يمكنه مواجهة ارتفاع الأسعار، وأن أكثر من 70% من احتياجات المصريين يتم استيرادها من الخارج، فلا يوجد شيء حققنا فيه الاكتفاء الذاتى سوى "البيض"، وبالتالي إن أي محاولة للسيطرة على الأسواق مصيرها الفشل، ولكن الحقيقية التي لا يريد رئيس الوزراء الاعتراف بها أنه من الممكن الرقابة على الأسواق، وضبط الأسعار، وأنها ليست مهمة مستحيلة، وأن الحكومة إذا أرادت فعلت بدليل ملف إزالة التعديات على أراضى الدولة..

حيث انتشرت أجهزة الدولة المختلفة في جميع القرى والمراكز داخل الأراضى الصحراوية والزراعية وداخل المدن وخارجها لعودتها من جديد لقبضة الدولة، ولم تتحجج هذه المرة بضعف الإمكانيات وقلة الحيلة وعدم توافر الإمكانيات بمجرد حديث الرئيس وهو يجلس في قاعة الاحتفال بقرية "المراشدة" بقنا، تحول كلامه إلى أوامر تطوف الدواوين الحكومية تنتقل من إدارة إلى أخرى ومن محافظة إلى أخرى في سرعة البرق لتقضى على مافيا الأراضى الصحراوية من أسوان إلى الإسكندرية، وتزيل مخالفاتهم التي كانت ملء السمع والبصر وتنسف فكرة أصحاب الحظوة والنفوذ، وأنه لا أحد فوق القانون وأن الجميع سواسية..

هذه القاعدة أرساها الرئيس السيسي خلال تصديه لهذا الملف الذي سيعيد إلى الدولة حقوق بالمليارات وهيبة كادت أن تتلاشى من كثرة الغياب، فلا يعقل أن يتصدى رئيس الجمهورية لكل الملفات وأن النجاح في حل الأزمات مرهون بكلام السيسي وتكليفه رئيس الوزراء لحل المشكلة..

الرقابة على الأسواق لا تحتاج تدخلا رئاسيا، وضبط الأسعار لا تحتاج تكليفا من أكبر سلطة تنفيذية في البلاد، فهى من المهام الرئيسية لرئيس الوزراء ومن بين أهم الملفات التي يجب أن يوليها اهتمامه السيطرة على الأسعار، خاصة مع دخول شهر رمضان، ليشعر المواطن أن هناك من يسأل عنه ويفكر في احتياجاته، فالمواطن المصرى الذي يتحمل الظروف الاقتصادية الصعبة من حقه أن تكون الحكومة إلى جواره، وأن يتوقف الرئيس عن الإشادة برئيس الوزراء.. وإذا كنا نحتاج تدخل الرئيس شخصيًا في كل ملف وأزمة فما فائدة رئيس الوزراء والسادة الوزراء وباقي المسئولين؟
الجريدة الرسمية