رئيس التحرير
عصام كامل

قاموس الحقد: من "المحظورة" إلى "المخلوع"


جانب من المشهد الإعلامى الذى تعيشه مصر هو الاستخدام الردىء لوصف الأشخاص والأحزاب والجماعات والتيارات، والذى يشير إلى حقد سياسى لدى جميع الأطراف السياسية. فبوابة الحرية والعدالة على سبيل المثال، تفضل ترديد ووصف الرئيس السابق بـ "المخلوع"، وهو وصف انتشر عقب إسقاط نظام مبارك.


والحقيقة أن الإخوان لن ينسوا أن إعلام الرئيس السابق كان يطلق على جماعة الإخوان المسلمين لفظ "المحظورة"، ولن أكون من المطالبين للإخوان أن يتبعوا قول الله تعالى: "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين"، فالعفو عن مبارك ليس من حق الرئيس الحالى نفسه ولكنه من حق أهالى الشهداء الذين فقدوا أبناءهم وذويهم.

الحقد السياسى يجعل الإخوان يتصرفون على طريقة "العين بالعين"، و"الكلمة بالكلمة"، وهم لذلك يصفون "جبهة إنقاذ مصر" بـ"جبهة خراب مصر"، ردًا على وصف الإخوان بـ "الخرفان".

الحقد السياسى نفسه هو من يغيب عن بصيرة الإخوان وإعلامهم حقيقة أن معظم المعارضين لهم من أعضاء "جبهة الإنقاذ" ومن الإعلاميين والكتّاب مثل إبراهيم عيسى، عبدالحليم قنديل، يسرى فودة، د. محمود خليل، علاء الأسوانى، - وفيلق كبير لا يتسع المقام لذكره - كانوا من المدافعين عن الإخوان أيام نظام مبارك.

هناك ثمة إشكالية أخرى فى وصف إعلام الإخوان للرئيس السابق بـ"المخلوع"، وهو أنهم يغلّبون "الحقد السياسى" على "الموضوعية"، وهى الطريقة نفسها التى كان يمارسها إعلام مبارك، وكأن الإعلام يعيد نفسه مرة أخرى، أو هو فى الحقيقة كذلك.

فبوابة الحرية والعدالة نشرت أمس وأمس الأول أربعة أخبار للرد عما تردد عن احتمال الإفراج عن الرئيس السابق الذى فرض الشعب عليه التنحى.

من بين عناوين هذه الأخبار، عنوان لرد النيابة العامة على احتمالية الإفراج عن الرئيس السابق، والعنوان كما جاء على بوابة الحرية والعدالية يقول: "النيابة العامة: ما حدث مع «المخلوع» إخلاء سبيل وليس براءة.. وإعدامه وارد"، وعنوان آخر منسوب لحزب البناء والتنمية يقول: «البناء والتنمية»: إخلاء سبيل«المخلوع» استفزازى.. ولن يفلت من العقاب، وعنوان ثالث يقول: بوابة «الحرية والعدالة» تنشر حيثيات حكم إخلاء سبيل «المخلوع».

ولعل الصغير قبل الكبير يعرف أن النيابة العامة لم ولن تستخدم لفظة "المخلوع" فى نص قانونى"، كما أن تصريح خالد الشريف، المستشار الإعلامى لحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، يقول – حسب ما جاء فى نص الخبر: "إن قرار إخلاء سبيل مبارك يعتبر استفزازًا لمشاعر المصريين" وهو لم يذكر لفظ المخلوع.

موضوعية الإعلام التى يطالب الإخوان بها تتطلب أن يصف إعلام الإخوان الأشياء والأشخاص بأوصافها. وكان على الإخوان أن يكونوا أكثر التزامًا من غيرهم لأنهم حزب وجماعة قائمة على مرجعية إسلامية وعلى المسلم أن "يصدق القول" وأن "يصدق النقل" ولاسيما وأن نائب المرشد العام – المهندس خيرت الشاطر - من الداعين لإعلام موضوعى صادق.

ولكن الإخوان – للأسف- يستخدمون مبدأ المعايير المزدوجة، فالإسلام بالنسبة لهم خندق يحاولون الهروب منه عندما يتعلق الأمر بالقيم والوعود مرددين بأنها لعبة السياسة يا أصدقائى، وهو ملجأ يلوذون به عندما يكون الأمر مرتبطًا بأى نقاش يضعهم فى مأزق سياسى.

إصلاح "اللسان" السياسى ليس مطلوبًا من الإخوان فقط، ولكن من جميع القوى السياسية. فلنتجادل باحترام فى زمن عز فيه الحوار الراقى. وصف الرئيس السابق بـ"المخلوع" لا يثير المعارضين للإخوان بقدر ما يعبر عن غياب الموضوعية التى راحت ضحية حقد سياسى دفين.

الجريدة الرسمية